أن كاد يُزج به في السجن لعجزه عن أداء الضرائب، ولكن أمتريوس الفالرومي أدى عنه ما كان متأخراً عليه وأطلق سراحه. وقال فليب المقدوني إن أكسانوقراطيس كان أطهر يداً من جميع الشعراء الأثينيين الذين أرسلوا إليه. وقد تضايقت فريني Phryne من اشتهاره بالفضيلة، فادعت أن بعض الناس يطاردونها، ولجأت إلى بيته، ولما رأت أن ليس فيهِ إلا سرير واحد سألته هل يقبل أن تنام معه فيه. وأجابها إلى ما طلبت مدفوعاً إلى ذلك، على ما يقال لنا، بعوامل إنسانية محضة؛ ولكنه بلغ من بروده وعدم استجابته لتوسلاتها وفتنتها، أن فرت من فراشهِ وضيافتهِ، وشكته إلى أصدقائهِ قائلة إنها وجدت تمثالاً لا رجلاً (٦). ذلك أن أكسانوقراطيس لم يكن يريد أن يعشق غير الفلسفة.
ولما مات أوشكت النزعة الميتافيزيقية في التفكير اليوناني أن يُقضى عليها في الأيكة التي كانت مزارها ومتعبدها. ذلك أن خلفاء أفلاطون كانوا من علماء الرياضة والأخلاق، وقلما كانوا ينفقون شيئاً من وقتهم في دراسة المسائل المجردة التي كانت من قبل تتردد بين جوانب المجمع العلمي، واستعادت تحديات زينون الإليائي التشككية، ونزعة هرقيطس الموضوعية، وتشكك غورغياس بروتاغواس المنظم، ولا أدرية سقراط، وأرستبوس وإقليدس المجاري، استعادت هذه كلها ما كان لها من سيطرة على الفلسفة اليونانية، وكان ذلك خاتمة عصر العقل. لقد فكروا في كل فرض من الفروض العلمية، وبحث ثم نسي وأهمل؛ واحتفظ الكون بأسرارهِ، ومل الناس البحث الذي عجزت عنه أنبه العقول نفسها. وكان أرسطو قد اتفق مع أفلاطون في نقطة واحدة- وهي أن في الإمكان الوصول إلى الحقيقة النهائية (٧). وعبر بيرون Pyrrho وهي تشكك عصره بقولهِ إن هذه النقطة هي التي أخطأ فيها الفيلسوفان أكثر مما أخطأا في أية نقطة أخرى.
وولد بيرون في أليس Elis حوالي عام ٣٦٠ وسار مع جيش الإسكندر