للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن العقائد الأليوزينية Eleusinian والمسيحية (٦٨). ولقد أصبحت الرواقية بعد زينون ديناً أكثر منها فلسفة، واتخذ كل مبدأ من مبادئها صورة دينية. وكان الجزء الأكبر من نظامها يتألف من جدل يدور حول الله وطبيعته، وانبعاث العالم من الله، وحقيقة القوة المدبرة، واتفاق الفضيلة مع الإرادة الإلهية، وأخوة البشر تحت سيطرة أبوة الله، وعودة العالم في آخر الأمر إلى الله. وفي هذه الفلسفة نجد معنى الخطيئة الذي كان له شأن أيما شأن في المسيحية الأولى وفي البوتستنتية؛ ونجد فيها ذلك الشمول السامي يرحب كما رحب في المسيحية من بعد بكل الأجناس والطبقات؛ والزهد وعدم الزواج المأخوذين عن الكلبيين واللذين أثمرا ذلك العدد العظيم من الرهبان المسيحيين. والحق أنه لم يكن بين زينون الطرسوسي إلا خطوة واحدة يخطوها العالم في الطريق إلى دمشق.

ولقد كانت عناصر كثيرة في العقيدة الرواقية أسيوية في أصلها، وكان بعضها سامياً خالصاً- ولم تكن الرواقية في جوهرها إلا مرحلة واحدة أولية من مراحل انتصار الشرق على الحضارة الهلنية. إن بلاد اليونان لم تعد بلاد اليونان قبل أن تفتحها رومة.