من الرخام والبرنز لا حصر لها، وفي اليوم الثاني ١٨. ٠٠٠ رطل من الفضة، و ٣. ٧١٤ رطلاً من الذهب، ١٠٠. ٠٠٠ قطعة من العملة الفضية؛ وفي اليوم الثالث ١٤٤ تاجاً من تيجان الأمراء والأشراف (١٣). يضاف إلى هذا أن الرومان كانوا قد أيدوا، وظلوا وقتئذ يؤيدون على أيدي ممثليهم، الطبقات الغنية في بلاد اليونان على المواطنين الفقراء، وحرموا جميع مظاهر حرب الطبقات. ولم يرَ اليونان أن يشتروا السلم بهذا الثمن الغالي، بل كانوا يريدون أن يكونوا أحراراً في تسوية ما بينهم من نزاع، وأن ينفسوا عما في صدورهم من مطامع إقليمية قومية؛ ولم يكونوا يطيقون الحياة الرتيبة الخالية من التغيير. وسرعان ما قامت الأحلاف المتنافسة ينازع بعضها بعضاً، ودب الشقاق والانقسام بينها في كل مكان. وأخذت كل مدينة وكل جماعة تتقدم بمطالب خاصة إلى مجلس الشيوخ الروماني، وبعث مجلس الشيوخ لجاناً لبحث هذه المطالب والفصل فيها. وكانت أغلال السيطرة الأجنبية خفية غير بادية للعين ولكنها كانت مع ذلك حقيقة واقعة؛ وأخذ اليونان جميعهم ما عدا الأغنياء منهم يحسون بهذه الأغلال تضيق على أعناقهم عاماً بعد عام ويتمنون أن ينقضي عهد هذه الحرية. وشرع مجلس الشيوخ يستمع إلى أعضائه الذين كانوا يقولون إن بلاد اليونان لا يمكن أن يستتب فيها الأمن والنظام إلا إذا فرضت عليها رومة سيطرتها الكاملة.
وتوفي فليب الخامس في عام ١٧٩ وخلفه على العرش ابنه برسيوس بعد فترة سفك فيها الدماء. وكانت السبعة عشر عاماً التي سبقت جلوسه على العرش والتي ساد فيها السلم قد أعادت إلى مقدونية رخاءها الاقتصادي، وأوجدت فيها جيلاً جديداً من الشبان تطعم بهم نار الحرب. ودخل برسيوس في مفاوضات مع سلوقس الرابع لعقد حلف بين بلديهما وتزوج بابنة سلوقس. وانضمت رودس إلى هذا الحلف وأرسلت أسطولاً ضخماً ليحرس العروس في طريقها إلى زوجها. وابتهجت بلاد اليونان جميعها، ورأت في برسيوس