للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أملاً حياً يقف في وجه سلطان رومة. وخشي بومنيز الثاني على استقلال برجموم فهرول إلى رومة وألح على مجلس الشيوخ أن يبادر إلى تدمير مقدونية إبقاء على مصالح هذا المجلس نفسه. وكاد يومنيز أن يفقد حياته في مشاجرة خاصة وهو عائد إلى بلاده. ورأت رومة أن من مصلحتها أن تفسر هذا الشجار بأنه مؤامرة دبرها برسيوس لاغتيال الملك، وتبادل الطرفان عدة مهارات دبلوماسية وطنية أعقبها اشتعال نار الحرب المقدونية الثالثة. ولم يجرؤ على مساعدة برسيوس إلا إبيروس وإليريا، أما دول اليونان الأخرى فقد بعثت إليه برسائل سرية تبدي فيها عطفها عليه ولكنها لم تفعل أكثر من هذا. وفي عام ١٦٨ فرق إيمليوس بولس Aemilius Paulus الجيش اليوناني في بدنا، وخرب سبعين مدينة مقدونية، ونفى الطبقات العليا من أهلها إلى إيطاليا، وقسم المملكة أربع جمهوريات مستقلة استقلالاً ذاتياً ولكنها تؤدي الجزية إلى رومة، وحرم عليها أن تتبادل فيما بينها التجارة والصلات أياً كان نوعها. وسجن برسيوس في إيطاليا وقضى في السجن سنتين توفي بعدهما مما لقيه من سوء المعاملة. وخربت إبيروس وبيع مائة ألف من أهلها أرقاء بسعر ريال أمريكي لكل واحد منهم (١٤) وعوقبت رودس- وهي التي لم يكن لها نصيب جدي في الحرب- بتحرير ممتلكاتها الممتدة على سواحل آسية، وبإنشاء مرفأ حر منافس لها في ديلوس واستحوذ الرومان على أوراق برسيوس الخاصة، ونفى أو زج في السجن كل من مد له يد المعونة أو أظهر العطف عليهِ. ونقل إلى إيطاليا ألف من الرجال البارزين في العصبة الآخية ومنهم بولبيوس، حيث ظلوا في النفي ستة عشر عاماً مات في خلالها سبعمائة منهم. ولم يكن إعجاب بلاد اليونان السابق برومة المحررة أشد من حقدها وقتئذ على رومة الفاتحة.

وكان لهذه القسوة من جانب المنتصرين عواقب لم يكونوا يريدونها. فقد كان إضعاف رودس سبباً في القضاء على ما كانت تقوم به من حراسة في بحر إيجة، وانتعشت على أثر هذا القرصنة الغاضبة على التجارة المشروعة. كذلك