للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفلانوفية Villanovan وأنها تأثرت من الناحية التجارية بحضارات اليونان والشرق الأدنى، وأن التسكانيين أنفسهم، كما كانوا هم يعتقدون، قد غزوا البلاد من آسية الصغرى؛ والراجح أنهم جاءوا من بلاد ليديا Lydia. ومهما يكن أصلهم فإن تفوقهم في التقتيل قد جعلهم هم الطبقة الحاكمة في تسكانيا.

ولسنا نعرف المكان الذي رسوا فيه حين قدموا بحراً إلى إيطاليا، ولكننا نعرف أنهم شادوا أو فتحوا أو وسعوا مدناً كثيرة- مدناً لا قرى من القش والطين كما كانت الحال قبل مجيئهم، بل بلادًا مسورة ذات شوارع منظمة على قواعد هندسية وبيوتاً من اللبن فحسب، بل مقامة كثرتها من الأجر المحروق أو الحجارة. ثم ارتبطت اثنتا عشرة محلة من هذه المحلات فتكون منها اتحاد غير وثيق تسيطر عليه تاركوناي Tarquinii (المعروفة حتى هذه الأيام باسم كرنيتو Corento) ، وأرتيوم Arretinm (أرزو Arezzo) ، وبروزيا Perusia (بروجيا Perugia) ، وفياي Veii (ايولا فارنيزي Iola Farnese (١)) .

وتضافرت في هذه البلاد صعاب النقل في الجبال والغابات مع التحاسد والتنافر المتأصلين في الطبيعة البشرية، كما تضافرا في بلاد اليونان، على إنشاء دويلات من مدن مستقلة، إذا اتحدت لصد غارات أعدائها اعتزت كل منها بسلامتها منفردة عن غيرها؛ وكثيرًا ما كانت تقف لتشاهد العدو الخارجي يغير على أخواتها حتى خضعت كلها لرومه واحدة في إثر واحدة. ولكن هذه المدن المتحالفة ظلت طوال القرن السادس قبل الميلاد أقوى سلطة سياسية في إيطاليا، وكان لها جيش حسن التنظيم، به فرق من الفرسان ذائعة الصيت، وأسطول بحري كان في وقت من الأوقات هو المسيطر على البحر الذي لا يزال إلى اليوم يسمى


(١) هذه هي الأسماء الرومانية، أما الأسماء التسكانية فغير معروفة.