والرقص. وتتخلل الرسوم التي في القبور مناظر من مرح الشراب تزيل ما يخيم عليها من كآبة، وهي في بعض الأحيان مقصورة على الرجال دون النساء، يتحدثون فيها عن الخمر، وفي بعضها الآخر يختلط الرجال بالنساء، وهم جميعاً يلبسون أحسن الثياب ويتكئون مثنى مثنى على أرائك وثيرة، ويأكلون ويشربون، ويقوم على خدمتم العبيد، وتسليهم الراقصات والمغنيات (١٨)، وتزدان الوليمة أحيانًا بمناظر يحتضن فيها الرجال والنساء.
وأكبر الظن أن السيدة التي تُحتضن وقتئذ من الحظايا الشبيهات بحظايا اليونان (الهيتيريا) Hetaira. وإذا جاز لنا أن نصدق ما يقوله الرومان فإن فتيات تسكانيا كان يسمح لهن بالحصول على بائنتهن عن طريق الدعارة، شأنهن في هذا شأن فتيات آسيا اليونانية، وفتيات السموراي اليابانيات (١٩). وشاهد ذلك أنا نرى شخصية في إحدى مسرحيات بلوتس Plautus تتهم فتاة بأنها تسعى للحصول على بائنة زوجها بامتهان جسمها على الطريقة التسكانية (٢٠). ولكن النساء مع ذلك كانت لهن منزلة عالية في إتروريا، وتمثلهن الرسوم تمثيل من لهن مقام عال في جميع مناحي الحياة. وكان الأبناء ينتسبون إلى أمهاتهم، وفي ذلك أيضًا ما يوحي بأن القوم من أصل أسيوي (٢١). ولم يكن التعليم عندهم مقصوراً على الرجال، وشاهد ذلك أن تناكويل Tanaquil زوجة تاركون الأول Targuin قد برعن في العلوم الرياضية والطب براعتها في تدبير الدسائس السياسية (٢٢). ويقول المؤرخ اليوناني ثيوبمبس Theopompus إن النساء في إتروريا كن ملكاً مشاعاً (٢٣). ولكنا لا نجد فيما وصل إلينا من المعلومات ما يثبت وجود هذه الطوبى الأفلاطونية، بل إن كثيراً من الصور تمثل مناظر الروابط الزوجية، والحياة العائلية، والأطفال يسرحون ويمرحون حول أبويهم وهم سواء في سذاجتهم وجهلهم.