للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمام خيال أهليها، وأغرتهم وطنيتهم إلى تصوير أصل المدينة في صورة مطلقة من كل القيود، فحددوا تاريخ بنائها في اليوم الذي يوافق اليوم الثاني والعشرين من شهر أبريل عام ٧٥٣ ق. م، وأخذوا يؤرخون الحوادث من "عام تأسيس المدينة" A. U. C. anno urbis conditae؛ وأخذت مائة قصة وألف قصيدة تصف خروج إينياس Aeneas بن أفرديتي -فينوس (الزهرة Aphrodite-Venus من طروادة المحترقة، ومجيئه إلى إيطاليا بآلهة مدينة برام Priam (١) وما كان فيها من صور مقدسة، بعد أن قاسى الأهوال في البلاد الكثيرة التي مر بها، ولاقى ألوان العذاب من سكانها. وتزوج إينياس من لافينيا Lavinia ابنة ملك لاتيوم؛ وتقول القصة أن نمتور Numitor أحد أحفادهما جلس على عرش ألب لنجا حاضرة لاتيوم بعد ثمانية أجيال من هذا الزواج. ثم اغتصب العرش منه رجل يدعى أمليوس Amulius وأخرجه من المدينة، وأراد أن يقضي على أسرة إينياس كلها فقتل جميع أبنائه الذكور، وأرغم ابنته الوحيدة ريا سلفيا Rhea Silvia على أن تصبح كاهنة لفستا Vesta، وأن تترهب وتقسم أن تظل عذراء حتى الممات. ولكن ريا رقدت يومًا على شاطئ مجرى ماء، "وفتحت صدرها لتتلقى النسيم" (٢٩) واستغرقت في النوم وهي واثقة أكثر مما يجب بطهارة الآلهة والآدميين وأسر جمالها قلب المريخ Mars فحملت منه بتوأمين، فلما وضعتهما أمر أمليوس بإغراقهما في النهر، فوضعا فوق رمس، وأشفقت عليهما الأمواج فحملتهما إلى البر، وأرضعتهما ذئبة (Lupa) أو -في رواية أخرى- زوجة راعٍ تدعى أكا لارنتيا Acca Larentia ويكنونها لوبا Lupa لأن حبها عارم محب الذئاب، فلما شب رمليوس Romulus وريموس Remus قتلا أمليوس، وأعاد نُمتور إلى العرش، وسارا تحدوهما قوة الشباب وعزيمته لكي ينشئا لهما مملكة على تلال روما.


(١) يقصد طروادة (المترجم).