أن يحدوا من سلطان الملكية ويفرضوا عليها سلطان الدين؛ ولكن تناكويل Tanaquil أرملة تركون تولت الأمر بنفسها، واستطاعت أن ترفع ابنها سرفيوس تليوس Servius Tallius على العرش. ويقول شيشرون إن سرفيوس هذا هو أول ملك روماني استطاع "أن يتولى الملك دون أن يختاره الشعب"(٤١) أي أن تختاره الأسر الكبيرة. وحكم هذا الملك البلاد حكماً صالحاً، وأنشأ حول روما خندقاً وسوراً ليحميها من الغارات؛ ولكن كبار الملاك لم يرضوا عن حكمه ودبروا المؤامرات لخلعه، فقابل هذا بأن تحالف مع الأثرياء من العامة (Plebs) وأعاد تنظيم الجيش والناخبين ليقي بذلك مركزه، فبدأ بإحصاء السكان والأملاك، وقسّم الأهلين طبقات على أساس ثروتهم لا على أساس مولدهم، فترك بذلك طبقة الأشراف القديمة محتفظة بكيانها، ولكنه رفع تجاهها طبقة من الإكويتي equites ومعناها الفرسان -أي الرجال الذين كان في مقدور كل منهم أن يعد له جوادًا وسلاحًا نخرط بهما في سلك فرقة الفرسان في الجيش (١)، وتبين من الإحصاء أن هناك ٨٠٠٠٠ شخص يستطيعون حمل السلاح. وإذا قدرنا أن أسرة كل جندي من هؤلاء الجنود تتألف منه ومن زوجة له وولد واحد، وأن لكل أسرة من أربع أسر عبداً رقيقاً، فإنا لا نكون مخطئين إذا قدرنا سكان روما والبلاد المحيطة بها الخاضعة لسلطانها حوالي عام ٥٦٠ ق. م بنحو ٢٦٠٠٠٠ نسمة. وقسم سرفيوس هؤلاء السكان إلى خمس وثلاثين قبيلة جديدة، ورتبها حسب مسكنها لا حسب طبقتها أو ما بينها من صلات القرابة؛ وفعل بذلك ما فعله كليستينز Cleisthenes في أتيكا Attica بعد حيل من ذلك الوقت، فأضعف ما كان للأشراف -أي الطبقة التي كانت تضع نفسها بفضل مولدها فوق سائر الطبقات- من تماسك سياسي وقوة انتخابية. ولما قام تاركون آخر،
(١) وهذا اللفظ بمعناه القديم ذو صلة بكلمة Knight (فارس) الإنجليزية، ولكن سرعان ما فقد لفظ equites معناه الأول وأصبح معناه الطبقة الوسطى العليا أو طبقة رجال الأعمال.