للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الشاب الروماني كان يعد للحرب منذ طفولته، فكان أهم ما يدرسه العلوم التي تؤهله لأن يكون جنديًا صالحًا، وكان يقضي عشر سنوات من عمره في ميادين القتال أو في المعسكرات. وكان الجبن في هذا الجيش هو الجريمة التي لا تغتفر وكان يعاقب عليها بجلد من يرتكبها حتى الموت (٢٤). ولم يكن من حق قائد الجيش أن يحكم بالإعدام على أي جندي أو ضابط للفرار من القتال فحسب، بل كان من حقه أيضًا أن يحكم عليه بهذه العقوبة نفسها إذا خالف ما يصدر إليه من الأوامر ولو أدت مخالفته إياها إلى أحسن العواقب. وكان الذي يفر من الجندية أو يرتكب جريمة السرقة يعاقب بقط يده اليمنى (٢٥). وكان الجند في المعسكرات يطمعون طعامًا بسيطًا يتكون من الخبز وحساء الخضر وقليل من الخضر والنبيذ، وقلما كان يضاف إليه شيء من اللحم، وبذلك فتح الجيش الروماني العالم المعروف وقتئذ معتمدًا على الغذاء النباتي؛ ولما أن نقصت كمية القمح اللازمة لجيش يوليوس قيصر واضطر هذا الجيش لأكل اللحم شكا الجند من هذه الحال (٢٦). وكان العمل الذي يكلف به الجنود مجهدًا طويلاً، حتى كان الجند يفضلون عليه الذهاب إلى ميدان القتال، وحتى كانت البسالة أسلم الخطط؛ وظل الجند حتى عام ٤٠٥ ق. م لا يتناولون أجورًا أو مرتبات، ولم يكن ما يتناوله بعد ذلك العام بالشيء الكثير. ولكن كل جندي كان يسمح له بنصيب من الغنائم حسب مرتبته سواء كانت هذه الغنائم سبائك معدنية أو نقودًا أو أرضًا أو أسرى أو بضائع. ولم يكن هذا التدريب ليخلق من الرومان محاربين بواسل تواقين إلى القتال فحسب، بل خلق منهم فوق ذلك قوادًا شجعانًا. ذلك أن الطاعة قد خلقت فيهم المقدرة على الأمر والنهي. ولسنا ننكر أن جيش الجمهورية قد خسر بعض الوقائع الحربية، ولكنه لم يخسر قط حربًا، وهؤلاء