للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمه وزوجته تتوسلان إليه وردهما خائبتين أنذرتاه بأنهما ستسدان الطريق أمامه بجسديهما، فلم يسعه أمام ذلك إلا أن يرتد بجيشه عن رومه. وكان جزاؤه أن قتله الفلشيون، وفي رواية أخرى أنه عاش بينهم معيشة ضنكا، حتى بلغ من العمر أرذله (٢٨). وفي عام ٤٠٥ قام النزاع على أشده بين رومه وفياي Veii للسيطرة على نهر التيبر. وحاصرت رومه مدينة فياي ودام الحصار تسع سنين، وشجع هذا مدن إتروريا فانضمت إلى فياي ضد رومه، وهوجم الرومان من كل ناحية وتعرضوا لخطر الفناء، فأقاموا عليهم دكتاتورًا يدعى كاملس Camillus، فجند جيشًا جديدًا استولى به على فياي ووزع أرضها على مواطني رومه. وفي عام ٣٥١ ضم جنوب إتروريا إلى رومه بعد عدة حروب أخرى متفرقة وسميت من ذلك الوقت باسم تسكيا Tuscia وهو اسم لا يكاد يفترق عن اسم المقاطعة في الوقت الحاضر.

وفي هذه الأثناء واجهت رومه في عام ٣٩٠ خطراً جديداً أشد من الأخطار السابقة، وقام الصراع بينها وبين بلاد الغالة، وهو الصراع الطويل الذي لم ينته إلا في عهد يوليوس قيصر. وذلك أنه بينما كانت الحروب الأربع عشرة قائمة بين رومه وإتروريا تسللت قبائل كلتية من بلاد الغالة ومن ألمانيا منحدرة من جبال الألب، واستقرت في إيطاليا، وانتشرت جنوباً حتى نهر البو Po. ويطلق المؤرخون القدامى على هؤلاء الغزاة اسم كلتائي- أو سلتائي، أو جلتائي أو غالي (١) دون تمييز بينها. ولسنا نعرف شيئًا عن أصل هذه القبائل؛ وكل ما نستطيع أن نصفها به أنها ذلك الفرع من السلالة الهندوربية التي سكنت ألمانيا الغربية وغالة وإسبانيا الوسطى، وبلجيكا، وويلز، واسكتلندة، وإيرلندة، وأدخلت فيها اللغات التي وجدها الرومان في تلك البلاد. ويصفهم بولبيوس Polybius بأنهم "طوال القامة، حسنو الوجوه"، يحبون القتال، ويحاربون


(١) Galli، Galatae، Celtae، Keltai