Spendius وهو عبد كمباني Campanian. وكان ذلك الحصار في وقت لا يكاد يوجد فيها جندي يحميها. وارتعدت فرائض التجار فرقًا وخشوا أن يقضي عليهم الثوار، فأرسلوا في طلب هملكار ليؤمنهم على حياتهم. وألفى هملكار نفسه يتنازعه عطفه على جنوده المرتزقة وحبه لمدينته، ولكنه آثر مدينته على جنده وجند جيشاً من عشرة آلاف قرطاجني ودربهم، وقادهم بنفسه، ورفع الحصار عن المدينة. وإرتد الجنود المرتزقون المهزومون إلى الجبال، وقطعوا يدي جسكو Gesco أحد القواد القرطاجنيين وقدميه، وكسروا ساقيه، وفعلوا ذلك الفعل نفسه بسبعمائة أسير غيره، ثم ألقوا بمن بقي منهم أحياء في قبر واحد بلا تمييز بينهم (١٧). واحتال هملكار على أربعين ألفًا من العصاة حتى اضطرهم إلى الالتجاء إلى مضيق، وسد عليهم مسالكه حتى أوشكوا على الهلاك من الجوع. فأكلوا من بقي لديهم من الأسرى، ثم أكلوا عبيدهم، واضطروا في آخر الأمر أن يرسلوا أسبنديوس Spendius بطلب الصلح، فما كان من هملكار إلا أن صلب أسبنديوس وألقي بمئات من الأسرى تحت أرجل الفيلة، وظلت تطؤهم حتى قضوا نحبهم. وحاول العصاة أن يشقوا لهم بالقوة مخرجاً من مأزقهم الذي وقعوا فيه، ولكن جيش هملكار قطع أصلابهم، وقبض على ماثو وأرغمه على أن يعدو في شوارع قرطاجنة وأهلها من ورائه يضربونه بالسياط ويعذبونه حتى مات (١٨). ودامت "حرب المرتزقة" هذه أربعين شهرًا (٢٤١ - ٢٣٧)، ويقول بولبيوس "إنها كانت أفظع الحروب وأشدها وحشية، وإن ما سفك فيها من الدماء لم يسفك مثله في التاريخ كله (١٩) ". ولما أن خمدت نار الفتنة وجدت قرطاجنة أن الرومان قد احتلوا سردانية. فلما احتجت على هذا الاعتداء أعلن الرومان الحرب عليها. واضطر القرطاجنيون في يأسهم إلى طلب الصلح، ولم ينالوه إلا بأن يؤدوا لرومه فوق ما كانوا يؤدون لها من الغرامة ١٢٠٠ تالنت، وأن يتخلوا عن سردانية وقورسقة.