"احذر المرأة التي تأتيك من الخارج، والتي لا يعرفها أهل مدينتها. فلا ترفع بصرك إليها إذا أتت، ولا تعرفها، فهي كالدُّردور في الماء العميق، لا تستطيع أن تسبر غورها. وأن المرأة التي غاب زوجها لتكتب إليك في كل يوم، وإذا لم يكن معها شاهد عليها قامت ونشرت حولك شباكها. وما أشنعها من جريمة إذا أصغي إليها الإنسان"(١٠٠)!.
أما النغمة المصرية الخالصة فهي التي نسمعها في نصيحة بتاح حوريب لابنه والتي يقول فيها:
"إذا كنت ناجحا، وأَثثت بيتك، وكنت تحب زوجة قلبك، فاملأ بطنها واكس ظهرها … وادخل السرور على قلبها طوال الوقت الذي تكون فيه لك، ذلك أنها حرث نافع لمن يملكه … وإذا عارضتها كان في ذلك خرابك"(١٠١).
وتحذر بردية بولاق الطفل تحذيرا يشهد بالحكمة البالغة فتقول:
"ينبغي لك ألا تنسى أمك فقد حملتك طويلا في حنايا صدرها وكنت فيها حملا ثقيلاً؛ وبعد أن أتممتَ شهورك ولدتك. ثم حملتك على كتفها ثلاث سنين طوالا وأرضعتك ثديها في فمك، وغذتك، ولم تشمئز من قذارتك. ولما دخلت المدرسة وتعلمت الكتابة كانت تقف في كل يوم إلى جانب معلمك ومعها الخبز والجعة جاءت بهما من البيت"(١٠٢).
ويرجح أن هذه المكانة السامية التي كانت للمرأة إنما نشأت من أن المجتمع المصري كان أميل إلى تغليب سلطان الزوجة على سلطان الزوج بعض الشيء. وشاهد ذلك أن المرأة لم تكن لها السيادة الكاملة في بيتها وكفى، بل إن الأملاك الزراعية كلها كانت تنتقل إلى الإناث؛ وفي ذلك يقول بيترى:"لقد كان الزوج حتى في العهود المتأخرة ينزل لزوجته في عقد زواجه عن جميع أملاكه ومكاسبه المستقبلة"(١٠٣) ولم يكن سبب زواج الأخ بأخته أن وجودها معه قد ملأ بحبها قلبه، بل كان سببه أن الرجال كانوا يبغون أن يستمتعوا بميراث الأسرة الذي كان ينحدر