الانتقال لا يتحولون عنها، فلبث الصيد مهنة الرجال والحرث مهنة النساء؛ لا بل لا يكفي أن نقول عن هذا التحول إنه تم بخطوات متدرجة، إنما ينبغي أن نضيف إلى ذلك أنه لم يكمل حتى تمامه، ولك أن تقول إن الإنسان بحرثه للأرض إنما أضاف طريقة جديدة لاختزان الطعام إلى جانب الطريقة القديمة، ثم ظل طوال عصور التاريخ يغلب عليه أن يؤثر لنفسه طعام المرحلة الأولى على طعام المرحلة الثانية، ويمكننا أن نصور لأنفسنا الإنسان الأول إذ هو يُجري التجارب على ألوف الأصناف التي تخرجها له الأرض من جوفها، حتى لقد عانى في سبيل ذلك ما عانى من ضيق ألم بجوفه، لعله واجد أي صنف من هاتيك المنتجات يمكن أكله بحيث يكون مأمون العواقب، ثم أخذ يجري التجارب تلو التجارب في مزج هذه الصنوف بالفاكهة والثمر وباللحم والسمك اللذين اعتادهما من قبل؛ لكنه خلال تلك التجارب كلها لم ينفك مشوقا لأكل غنائم الصيد؛ وإنك لترى الشعوب البدائية محبة للحم في طعامها إلى حد الافتراس، حتى وإن كان طعامهم الرئيسي في الواقع هو الغلال والخضر واللبن%=& Britfault، The Mothers، ii، ٤٦٠. & فإذا ما صادفهم حيوان ميت لم يطل أمد موته، فالأرجح أن يهجموا عليه في نهم فظيع، وكثيراً ما يستغنون في ذلك عن عملية الطهي حتى لا يضيعوا من وقتهم شيئاً، فيأكلوا فريستهم نيئة، مسرعين في ذلك ما أسعفتهم أسنانهم القوية في تمزيقها والتهامها، وسرعان ما تنظر فإذا الباقي أمامهم كومة من عظام؛ وإننا نسمع عن قبائل بأسرها تمرح في طعامها أسبوعاً كاملاً على حوت يلقيه البحر على الشاطئ%=& Renard، G. ، Life and work in prehistoric times، ٣٥. &؛ وعلى الرغم من معرفة الفويجيين للطهي فإنهم يفضلون اللحم نيئاً، وإذا أمسكوا بسمكة قتلوها بعضها خلف خياشيمها، ثم أكلوها من رأسها إلى ذيلها لا يقومون إزاءها بشيء من الإعداد إطلاقا%=& Sutherland، G. ، A. ، ed، A System of Diet and Dietetics، ٤٥. &: إن الشك في اطراد موارد الطعام جعل هذه الشعوب الفطرية تأكل كل ما يصادفها بمعنى الكلمة الحرفي تقريباً؛ يأكلون السمك وقنافذ البحر والضفادع البحرية والبرية والفئران