وكان الرومان يكتبون بالحبر ببراعة معدنية مشقوقة (calamus، stilus) على أوراق الأشجار في بادئ الأمر (folia) ، ومن ثم كانت الكلمتان الإنجليزيتان Leaf، folio (ومعناهما صفحتان)؛ ثم كتبوا فيما بعد على باطن لحاء الشجر (liber) ؛ وكثيراً ما كانوا يكتبون على ألواح بيضاء من الخشب المطلي بالشمع (Album) ، وكتبوا بعد ذلك على الجلد المدبوغ، وعلى الورق. وإذ كانت لغة الكتابة اللاتينية أشد مقاومة للتغير من لغة الكلام، فإن لغة الأدب أخذت تختلف شيئاً فشيئاً عن اللغة التي كان يتكلمها الشعب، كما يحدث الآن في أمريكا وفي فرنسا. ولذلك نشأت اللغات الرومانسية الرخيمة: الإيطالية والأسبانية والبرتغالية، والفرنسية، ولغو رومانيا، نشأت هذه اللغات من اللغة اللاتينية الخشنة غير المهذبة التي جاء بها إلى هذه الأقاليم الجنود والتجار، والأفاقون المغامرون، ولم تنشأ من اللغة التي جاء بها الشعراء والنحويون. ولهذا اشتقت الكلمات التي معناها حصان في اللغات الرومانسية- Caballocal، Cavallo، Cheval- من اللفظ اللاتيني العامي Caballus لا من اللفظ الفصيح equis. وكان لفظ ille في اللغة اللاتينية العامية ومكوناً من مقطع واحد كلفظ il في اللغتين الفرنسية والإيطالية، وكان حرف S وحرف M يُحذفان أو لا ينطق بهما إذا كانا في آخر الكلمات كما هي الحال في هاتين اللغتين. وعلى هذا فقد جاءت خير اللغات من نسخ أسوئها: Corruptio pesimi optima.
ترى ما هو الأدب الذي كان يقرؤه الشاب الروماني في هذه الثلاثة قرون الأولى من عهد الجمهورية؟ لقد كان في وسعه أن يقرأ ترانيم وأغاني دينية كأغنية إخوان أرفال The Arval Brethren، وكان لديه أيضاً قصائد شعبية تقص ماضي روما التاريخي أو الأسطوري. وكان في ذلك العهد سجلات رسمية -معظمها ما كتبه الكهنة- للانتخابات، والمناصب الكبرى،