الأولاد يعدون على أصابعهم (digita) ، ولم تكن الأرقام التي يستخدمونها في العد والحساب إلا صورة للإصبع ممتدة (I) ، ولليد (V) ، أو اليدين متصلتين عن الرسغ (X) ، وكانوا يكتفون في تكوين الأعداد الأخرى بتكرار هذه الرموز (III، II) وبإضافة أرقام قبل V، X أو بعدهما للدلالة على ما هو أقل منهما في الحالة الأولى أو أكثر منهما في الحالة الثانية.
ومن هذا الحساب "اليدوي"، وضع النظام العشري القائم على أجزاء العشرة ومضاعفاتها، أي الأصابع العشر. وأجاد الرومان في استخدام الهندسة في أعمال البناء وغيرها من الأعمال الهندسية، ولكنهم لم يضيفوا نظرية واحدة جديدة إلى النظريات التي ابتكرها العقل اليوناني، ولسنا نسمع شيئاً عن الفلك الروماني في هذا العهد إلا ما يتصل منه بالتقويم المليء بالأخطاء، وبالتنجيم شقيق الفلك وحده.
أما الطب فقد ظل معظمه حتى القرن الثالث مقصوراً على استخدام الأعشاب والسحر والصلوات في البيوت، وكان الاعتقاد السائد أن الآلهة وحدها هي القادرة على شفاء المرضى، وكانوا يبتهلون في كل داء إلى إله خاص، كما نلجأ نحن إلى الطبيب الإحصائي، لكي يضمنوا لأنفسهم الشفاء من هذا المرض (٤٥)، فبعوض المناقع الرومانية كان يلجأ في اتقاء أذاه إلى الإلهتين فبريس Febris ومفتيتس Mephtitis، كما ظل الرومان إلى القرن العشرين بعد الميلاد يلتمسون الشفاء من الحمى من "سيدة الحميات" La Madonna della Febbre (٤٦) . وكانت الأضرحة الشافية والمياه المقدسة شائعة شيوعها في هذه الأيام.
وكان هيكل اسيولابيوس Aesculapius مركزاً كبيراً للعلاج الديني يعتمد فيه على التغذية المناسبة، والدعوات الصالحات، والمراسم الدينية المهدئة للأعصاب،