التيل والصوف وإعدادها وصبغهما، وذلك على الرغم من أن صناعة الغزل كان يقوم بها النبات والأزواج والعبيد. أما النساجون الأحرار وغير الأحرار فقد جمعوا في مصانع صغيرة لا تنتج للأسواق المحلية وحدها بل تنتج كذلك ما يلزم منها لتجارة القصدير.
أما الإنتاج الصناعي للاستهلاك غير المحلي فقد كانت تعطله صعاب النقل. ذلك أن الطرق كانت رديئة والقناطر غير مأمونة، والعربات التي تجرها الثيران بطيئة، والنزل في الطرق نادرة، وكان اللصوص كثيرون، ومن ثم اتجهت حركة النقل إلى القنوات والأنهار؛ أما المدن الساحلية فكانت تستورد حاجتها من البضائع بطريق البحر لا من المدن الواقعة خلفها بطريق البر. وما أن حلت سنة ٢٠٢ ق. م حتى كان الرومان قد أنشئوا ثلاثة من الطرق "القنصلية العظيمة"، وقد سميت قنصلية لأنها كانت تسمى عادة باسم القناصل أو الرقباء الذين كانوا يبدءونها. وما لبث هذه الطرق العامة أن فاقت في صلابتها واتساعها الطرق الفارسية والقرطاجنية التي اتخذها الرومان نماذج لهم في بادئ الأمر. وكان أقدم هذه الطرق طريق فيا لاتينا via Latina الذي خرج به الرومان حوالي ٣٧٠ ق. م إلى تلال ألبان. وبدأ أبيوس كلوديوس Appius Claudius الضرير في عام ٣١٢ طريق فيا أبيا via Appia أو الطريق الأبياوي الذي يصل رومه بكبوا Capua واستخدم في إنشاءه آلافاً من المجرمين (٥٥)، ثم مدد هذا الطريق فيما بعد إلى بنفنتم، وفنوزيا Venusia، وبرنديزيوم Brundisium، وتارنتم. وكان هذا الطريق البالغ طوله ٣٣٣ ميلاً إنجليزياً يربط ساحلي شبه الجزيرة الشرقي والغربي، وييسر التجارة مع بلاد اليونان والشرق، كما كان هو وغيره من الطرق عاملاً كبيراً في توحيد إيطاليا. وفي عام ٢٤١ ق. م شرع أورليوس كوتا Aurilius Cotta في إنشاء الطريق الأوريلي الممتد من رومه إلى أنتيبيس Antibes مخترقاً مدينتي بيزا Pisa،