العقود الحكومية التي يبرمها الرقيب بعد أن تقدم إليه عنها عطاءات. وكان أصحاب هذه العطاءات يحصلون على المال اللازم لقيامهم بهذه الأعمال ببيع ما لديهم من الأسهم والسندات للجمهور في صورة "أجزاء صغيرة" أي أسهم particular أو (partes) . وقد اضطلعت هذه الشركات المؤلفة من رجال يقومون بالمشروعات العامة أو مشروعات الدولة بعمل خطير في تموين الجيش والأسطول في الحرب البونية الثانية بما يحتاجانه من المؤن والعتاد ونقلها إليهما، ولم يفتها في هذا العمل أن تحاول ما يحاوله غيرها من الشركات، وهو أن تخدع الحكومة (٦٢)، وكان رجال الأعمال equites هم الذين يديرون هذه المشروعات الكبرى، أما ما كان أصغر منها فكان يديره الأرقاء المحررون. وكانت المشروعات غير الحكومية يديرها مديرو الأعمال negotiatunes وكان هؤلاء يدبرون لأنفسهم ما يلزمها من المال.
وكانت الصناعة في أيدي صناع مستقلين يشتغل كل منهم في حانوته الخاص، وكان معظم هؤلاء الصناع ممن الأحرار ولكن كان إلى جانبهم عدد من المحررين ومن الأرقاء أخذ يتزايد على مر الأيام. وكانت الأعمال التي يقوم بها هؤلاء الصناع مختلفة كل الاختلاف، وكان أكثر ما ينتجون للسوق لا للعميل الخاص. وقد أدى التنافس بين العمال الأحرار والأرقاء إلى خفض أجور الأولين، فانحط مستوى العمال إلى درجة من البؤس لا تقل عن بؤس أفقر عمال المدن الذين يعيشون في أقذر الأحياء في هذه الأيام. ولم يكن إضراب هؤلاء العمال عن العمل ذا فائدة لهم ولذلك كان نادر الحدوث (٦٣)؛ غير أن الفتن بين الأرقاء كانت كثيرة؛ ولم تكن "حرب الأرقاء الأولى"(١٣٩ ق. م) أولى هذه الفتن. ذلك أن التذمر إذا اشتد وضاق الناس ذرعاً بمعيشتهم، كان من السهل تلمس سبب للحرب تهيئ أعمالاً للمتعطلين، وتيسر انتشار النقود المنخفضة القيمة، وتوجه غضب الشعب نحو عدو خارجي يطعم الرومان من أرضه إذا انتصروا،