أو تستقبلهم هذه الأرض موتى أو أسرى إذا هزموا (٦٤). وكان للأحرار من العمال اتحادات أو جماعات طائفية (Collegia) . ولكنها قلما كانت تعنى بمسائل الأجور أو ساعات العمل أو ظروفه. وتعزو الروايات المتواترة إلى نوما Numa فضل إنشاء هذه الاتحادات أو الاعتراف بمشروعيتها. وسواء صح هذا أو لم يصح فإننا نعرف أنه كان القرن السابع قبل الميلاد منظمات للزمارين، والصائغين، والنحاسين، وطارقي الحديد، والحذائين، والفخرانيين، والصبّاغين والنجارين (٦٥). وكانت جماعات "الفنانين الديونيزيين" Dionysian Artists - الممثلين والموسيقيين- من أكثر الجماعات انتشاراً في العالم القديم. وقد كان في رومه قبل بداية القرن الثاني قبل ميلاد المسيح جماعات طائفية للطباخين، ودابغي الجلود، والبنائين، وصناع البرونز، والحدادين، وصانعي الحبال، والنسّاجين؛ ولكن الراجح أن هذه الطوائف كانت قديمة قدم الطوائف السالفة الذكر. وكان أهم أهداف هذه الاتحادات وأمثالها مجرد السرور الذي تبعثه الصلات الاجتماعية في قلوب أعضائها. وكان الكثير منها جمعيات تعاونية تكفل نفقات دفن الموتى.
ولم تكن الدولة تنظم شئون هذه الاتحادات والجماعات الطائفية وحسب، بل كانت تنظم كذلك كثيراً من النواحي في حياة رومه الاقتصادية؛ فكانت تشرف على استغلال المناجم وعلى غيرها من الامتيازات والعقود التي كانت تبرمها الحكومة، وكانت تهدئ الاضطرابات التي يثيرها العامة باستيراد الطعام وتوزيعه بأثمان اسمية على الفقراء أو على كل من يطلبه. وكانت تفرض الغرامات على الاحتكارات؛ وقد أممت صناعة تعدين الملح لتقضي بذلك على احتكار هذه الصناعة، بعد أن ارتفع ثمن الملح بسبب هذا الاحتكار ارتفاعاً جعله في غير متناول طبقة العمال. وكانت رومه تتبع سياسة حرية التجارة، ولذلك فإنها لما تغلبت على قرطاجنة فتحت غرب البحر المتوسط لتجارة الأمم جميعها؛ وقررت حماية يتكا Utica ثم ديلوس مشترطة عليهما في نظير هذه الحماية أن يظلا ميناءين