إيطاليا. وكانت معظم الطرق بحالها الطبيعية، وكان بعضها مرصوفاً بحجارة ملساء مستخرجة من أقواع الأنهار ككثير من مدن البحر الأبيض المتوسط في هذه الأيام. وقد دامت هذه الحال حتى شرع الرقيب حوالي عام ١٧٤ يغطى أرض الشوارع الكبرى بكتل من الحمم البركانية. وقد بنى أبيوس كلوديوس الأعمى في عام ٣١٢ أولى القنوات المعروشة لجر المياه العذبة إلى المدينة التي ظلت حتى ذلك الوقت تعتمد على العيون والآبار ومياه التيبر العكرة.
وأقام الأشراف صهاريج تستمد الماء من هذه القنوات، ومدت منها الأنابيب في بيوتهم، وركبت عليها الصنابير، فاستطاع الأشراف أن يستحموا بمائها أكثر من مرة في الأسبوع؛ ثم افتتحت رومه حماماتها الأولى التابعة للبلدية بعد هزيمة هنيبال بزمن قليل. وشاد المهندسون الرومان أو التسكان في وقت غير معروف المجرى الأكبر Cloaca Maxima لنقل مياهها القذرة، وقد بلغت العقود الحجرية الضخمة لهذا المجرى درجة من الاتساع تسمح بمرور عربة محملة بالدريس من تحتها (٦٨). ثم أنشئت مجاري صغرى لصرف مياه المناقع التي كانت تحيط برومه وتغير عليها في بعض الأوقات. وكانت مياه الأمطار والمياه القذرة تجري من فتحات في الشوارع إلى هذه المصارف، ثم تنتقل منها إلى نهر التيبر. وقد ظلت مياهه الملوثة مشكلة المشاكل في الحياة الرومانية.
وربما كانت المعابد هي مظاهر الزينة الوحيدة التي كانت في المدينة. ذلك أن البيوت ظلت مستمسكة بالطراز التسكاني البسيط الذي وصفناه من قبل، لا يفترق عنه إلا في شيء واحد وهو أن جدرانها الخارجية كانت تبنى في الغالب من الآجر أو تطلى بمسحوق الجبس الناعم؛ وكثيراً ما كانت هذه الجدران تشوه بما يخدش عليها من الشعر أو النثر في ذكر حادث من الحوادث التافهة التي لا يلبث الناس أن ينسوها بعد وقوعها. ولم يكونوا يقصدون بكتابتها إلا أن يدلوا على ازدياد نسبة من يعرفون