للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من زعماء اليونان ومنهم المؤرخ بولبيوس Polybius واتخذوا رهائن في إيطاليا، وظلوا في النفي ستة عشر عاماً مات منهم في خلالها سبعمائة (١).

وسارت العلاقة بين اليونان والرومان خلال العشرة الأعوام التالية سيراً حثيثاً نحو العداوة السافرة. ذلك أن المدن والأحزاب والطبقات المتنافسة في بلاد اليونان لجأت إلى مجلس الشيوخ في روما تطلب إليه العون، وهيأت لروما بطلبها هذا سبيلاً للتدخل انتهى بأن أضحت بلاد اليونان خاضعةً خضوعاً فعلياً إلى روما وإن ظلت بالاسم حرة مستقلة.

ولم يستطع أشياع سبيو في مجلس الشيوخ أن يصمدوا أمام الواقعيين الذين كانوا يشعرون أن النظام والسلام لا يستتبان في بلاد اليونان إلا إذا خضعت خضوعاً كاملاً لحكم الرومان. وبينا كان النزاع قائماً بين روما من جهة وقرطاجنة من جهة أخرى خرجت مدائن الحلف الآخر على روما وثارت مطالبة بحريتها. وتزعم الحركة زعماء الطبقات الفقيرة، فحرروا العبيد وسلحوهم، وأجلوا الوفاء بالديون، وأشعلوا مع الحرب نار الثورة في البلاد. ولمام دخل الرومان يقودهم موميوس Mummius بلاد اليونان وجدوا أهلها منقسمين على أنفسهم،


(١) وقد وجه بولوس Paulus، وهو سائر إلى هذه الحرب، تحيته المشهورة إلى الهواة الخبيرين في الفنون الحربية والتي قال فيها: "إن في المناصب العامة جميعها، وفي الأحزاب الخاصة، رجالاً يعرفون أين يجب أن تحشد الجيوش في مقدونية، وأي النقط الحربية ذات المنعة يجب أن تحتلها جيوشنا … وهم لا يكتفون بأن يقرروا ما يجب علينا أن نفعله، ولكنهم يتجاوزون ذلك إلى السخرية من القنصل إذا ما استقر الرأي على شيء لا يتفق مع آرائهم، سخرية لا تقل عن اتهامه بالخيانة … وهذا عمل يعطل سير الحرب إلى غايتها المرجوة تعطيلاً خطيراً … فإذا كان (أحد منكم) يحس بأن في وسعه أن يسدي إليّ النصح السديد فليسر معي إلى مقدونية … أما إذا ظن أنه لا يطيق هذا السير فعليه ألا يعمل عمل المرشدين في البحار وهو على ظهر الأرض".