بما حازه من نصر رخيص في بعض المعارك التي خاض غمارها في الشرق، فسولت له نفسه أن يبسط سلطانه على غرب آسيا بأجمعه. وخشيت برجموم عاقبة بغيه، فلجأت إلى روما تستعين بها عليه، وأرسل مجلس الشيوخ سبيو الأفريقي وأخاه لوسيوس Lucius مع أول جيش روماني تطأ أقدامه أرض آسيا. والتحم الجيشان عند مجنيزيا Magnesia (١٨٩) وانتصر الرومان نصراً كان بداية الفتوح التي شملت بلاد الشرق ذي الصبغة اليونانية. وزحفت الجيوش الرومانية نحو الشمال وردوا الغالبين إلى جلاشيا Jalatia (الأناضول) وكانون من قبل يهددون برجموم وحمد لهم سكان الجزائر الأيونية حسن صنيعهم هذا.
لكن اليونان في أوربا لم يعجبهم هذا العمل. لقد أضحت الجيوش الرومانية تحيط ببلاد اليونان من الشرق والغرب، وإن كانت لم تطأ بعد أرضها، ولقد حررت روما اليونان من عدوهم ولكنها اشترطت أن يضعوا حداً لحرب الطبقات وللحروب الخارجية. غير أن حياة الحرية بغير حرب كانت حياة جديدة شاقة على دول المدن التي تتكون منها هلاس، وكانت الطبقات العليا تتق إلى فرض سلطانها السياسي على المدن المجاورة لبلادها، كما أن الطبقات الفقيرة أخذت تتهم روما بأنها أينما حلت تعين الأغنياء إلى الفقراء. وكانت نتيجة هذه العوامل مجتمعة أن عقد برسيوس Perseus بن فليب الخامس وخليفته على عرش مقدونية حلفاً مع سلوقس الرابع Seleucus IV ومع أهل جزيرة رودس، وأهاب باليونان في عام ١٧١ أن يثوروا معه على روما، ولكن لوسيوس إيميلوس بولس ابن القنصل الروماني الذي قتل في معركة كاني هزم برسيوس في بدنا Pudna بعد ثلاث سنين من ذلك العام، وخرب سبعين مدينة مقدونية، وأسر برسيوس نفسه وسار به مصفداً يزين موكب نصره في شوارع روما - وعوقبت رودس بتحرير كل المدن الآسيوية التي كانت تؤدي إليها الخراج، وبإنشاء ميناء منافس لها في ديلوس. وقبض على ألف