للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويطلق أحد الكهنة- وقد كان يشغل المنصب الذي يصح أن نسميه في هذه الأيام وزير المعارف- على نفسه اسم "رئيس الإسطبل الملكي للتعليم" (١٣١). وقد عثر في خرائب إحدى المدارس التي يبدو أنها كانت جزءاً من بناء الرمسيوم على عدد كبير من المحار لا تزال دروس المعلم القديم ظاهرة عليها. وكان عمل المدرس في تلك الأيام هو تخريج الكتبة للقيام بأعمال الدولة، وكان المدرسون يستحثون تلاميذهم على الإقبال على التعليم بتدبيج المقالات البليغة يشرحون فيها مزاياه. من ذلك ما جاء في إحدى البرديات: " أفرغ قلبك للعلم وأحبه كما تحب أمك، فلا شيء في العالم يعدل العلم في قيمته ". وتقول بردية أخرى: "ليس ثمة وظيفة إلا لها من يسيطر عليها، لكن العالم وحده هو الذي يحكم نفسه". وكتب أحد المولعين بمطالعة الكتب يقول: "إن من سوء الحظ أن يكون الإنسان جندياً، وإن حرث الأرض لعمل ممل، أما السعادة فلا تكون إلا في توجيه القلب إلى الكتب في النهار والقراءة في الليل" (١٣٢).

وقد وصلت إلينا كراسات من عهد الدولة الحديثة وفيها إصلاح المدرسين لأخطاء التلاميذ يزين هوامشها؛ وهذه الأخطاء تبلغ من الكثرة حداً يجد فيه تلميذ اليوم كثيراً من السلوى (١٣٣). وكان الإملاء ونقل النصوص أهم طرق التعليم، وكانت هذه الدروس تكتب على الشقف أو على رقائق من حجر الجير (١٣٤). وكان أكثر ما يعلم هو الموضوعات التجارية، وذلك لأن المصريين كانوا أول الأقوام النفعيين، وأعظمهم استمساكاً بالنظرية النفعية؛ وكانت الفضيلة أهم الموضوعات التي يكتب فيها المعلمون، وكانت مشكلة النظام أهم المشاكل التعليمية في تلك الأيام، كما هي أهم مشاكله في الوقت الحاضر. وقد جاء في إحدى الكراسات: " لا تضع وقتك في التمني، وإلا ساءت عاقبتك. اقرأ بفمك الكتاب الذي بيدك؛ وخذ النصيحة ممن هو أعلم منك ". ولعل هذه العبارة الأخيرة من أقدم ما عرف من الحكم في أية لغة من اللغات. وكان