الشؤون القضائية، وذلك بحكم القاعدة المتبعة من قديم الزمان وهي أن جميع المناصب القضائية الهامة كان يختار شاغلوها من أعضاء المجلس أو المرشحين لعضويته، يضاف إلى هذا كله أن وضع القوانين وشرحها كانا من اختصاص طبقة الأشراف.
وكان في داخل هذه الأرستقراطية ألجِركية محصورة في الأسر ذات السلطان، ذلك أن التاريخ الروماني قد ظلا إلى عهد صلا Sulla سجلا لأعمال الأسر لا أعمال الأفراد؛ فلسنا نرى فيه أسماء ساسة عظماء بارزين ولكنا نرى جيلاً في إثر جيل أسماء بعينها تشغل أعلى مناصب الدولة؛ ترى من بين مائتي قنصل شغلوا هذا المنصب الخطير بين عامي ٢٣٣، ١٣٣ ق. م مائة وتسعة وخمسين ينتمون إلى ست وعشرين أسرة، ومائة ينتمون إلى عشر أسر. وكانت أقوى أسرة في ذلك العهد هي آل كورنيليوس Cornelius. وليس تاريخ رومه الحربي والسياسي من أيام بيليوس كورنيليوس سبيو Publius Cornelius Scipio الذي خسر معركة تربيا Trebia في عام ٢١٨ أيام ولده سبيو الإفريقي قاهر هنيبال وأيام حفيد ثانيهما وتبناه سبيو إبمليانوس الذي دمر قرطاجنة في عام ١٤٦، نقول ليس تاريخ رومه الحربي والسياسي طوال ذلك العهد في جملته إلا تاريخ هذه الأسرة، ولقد بدأت الثورة التي قضت على طبقة الأشراف على يد ابني جراكس وهما حفيدا إيمليانوس. ولقد أصبح سبيو الإفريقي بعد انتصاره في واقعة زاما التي أنجت رومه من الدمار محبباً لجميع الطبقات، وظلت رومه فترة من الزمان على استعداد لأن تمنحه أي منصب يرغب فيه.
فلما أن عاد هو وأخوه لوسيوس Lucius من ميدان القتال في آسيا (١٨٧) طلب أشياع كاتو أن يعرض على المجلس حساب الغرامة الحربية التي أداها إليه أنتيوخوس ليبعث بها إلى رومه، وأبى سبيو الإفريقي أن يجيب أخوه هذا الطلب، ومزق سجلات الحساب أمام مجلس الشيوخ. وحوكم