لوسيوس أمام الجمعية وحكم عليه بأنه اغتصب الأموال العامة، ولم ينجه من العقاب إلا رفض التربيون تيبيريوس سمبرونيوس جراكس Tiberius Sempronius Gracchus زوج ابنة سبيو الإفريقي أن يجيز هذا العقاب بماله من حق الرفض. واستدعى سبيو الإفريقي إلى المحاكمة فما كان منه إلا أن عطل الإجراءات القضائية بأن دعا الجمعية وسار أما أعضائها إلى هيكل جوبتر للاحتفال بذكرى معركة زاما. ولما دعي مرة ثانية أبى أن يجيب الدعوة وسافر إلى ضيعته في ليترنوم Liternum وبقي فيها بقية أيامه لا يجرؤ أحد على أن يمسه بسوء. وكان يقابل هذه النزعة الفردية في السياسة نمو الفردية في التجارة وفي الأخلاق. وما لبثت الجمهورية الرومانية أن قضي عليها نشاط عظماء رجالها وجهودهم الطليقة من جميع القيود.
وقد رفع من شأن الأرستقراطية ومن شأن هذا العهد كله، ما سرى في نفوس تلك الطبقة من تقدير للجمال. ذلك أن اتصال الرومان بالثقافة اليونانية في إيطاليا وصقلية وآسيا قد جعلهم على علم بكل مستلزمات الحياة المترفة، وبكل ثمار الفنون الجميلة في العالم القديم. ولما عاد الفاتحون إلى بلادهم جاءوا معهم بكثير مما اشتهر في أنحاء العالم من روائع الصور الملونة، والتماثيل، والكؤوس، والمرايا، والمعادن المنقوشة، والمنسوجات الغالية، والأثاث الثمين. وقد ارتاع الجيل القديم حين رأى مرسلس Marcellus يزين الميادين الرومانية بالتماثيل التي اغتصبها من سرقرسة. ولم يكن ما يشكو منه أهل ذلك الجيل اغتصاب قائدهم لهذه التماثيل، بل كانوا يشكون "البطالة ولغو الحديث" اللذين أصبحا عادة لازمة للمواطنين المجدين الذين يقفون الآن "ليفصحوا عن السفاسف وينتقدوها (١٩) ". واغتصب فلقيوس Fulvius ١٠١٥ تمثالاً من مجموعة تماثيل برس Pyrrhus في أمبراشيا Ambracia. وشحن إيمليوس بولس خمسين عربة في موكب نصره بالكنوز الفنية التي استولى عليها من بلاد اليونان ضمن ما استولى عليه منها نظير تحريرها. وفعل هذا الفعل نفسه صلا Sulla، وفريس Verres، ونيرون Nero ومئات