رودس، وكان كزميله بولبيوس من الأشراف اليونان. وعاش كثيراً من السنين مع سبيو ينعم بصداقته ويشاركه في نفوذه وسلطانه. وهو الذي غرس في نفس سبيو فضائل الرواقية ونبلها، وأكبر الظن أن سبيو هو الذي حمله على أن يلطف من المطالب الخلقية المتطرفة لهذه الفلسفة، ويجعل منها عقيدة عملية. ولقد شرح بانيتيوس في كتاب له "في الواجبات" المبدأين الأساسيين للفلسفة الرواقية وهما أن الإنسان جزء من كل يجب أن يتعاون معه- مع أسرته، وبلده، ومع روح العالم القدسي؛ وأنه لم يوجد في العالم ليستمتع بملاذ الحواس وإنما وجد ليؤدي واجبه من غير أن يشكو أو يتململ. ولم يكن باتينيوس كالرواقين الأولين يدعو إلى الفضيلة الكاملة أو عدم المبالاة التامة بطيبات الحياة ومتعها. واستمسك الرومان المتعلمون بهذه الفلسفة واتخذوها بديلاً كريماً مقبولاً من دينهم القديم الذي لم يعودوا يؤمنون به، ووجدوا في مبادئها قانوناً أخلاقياً يتفق كل الاتفاق مع تقاليدهم ومُثلهم العليا.
وهكذا أصبحت الرواقية هي الملهمة لسبيو والمطمح الذي يصبو إليه شيشرون؛ كما كانت هي خير ما في سنكا، والمرشد الهادي لتراجان Trajan، والمواسية لأوريليوس Aurelius. وجملة القول أنها أصبحت هي ضمير رومة.