وكان موظفو الدولة يعرضون المسرحيات على الجماهير في رومه، كما كان أمثالهم يعرضونها عليه في أثينة، على أنها جزء من الحفلات التي تقام في الأعياد الدينية أو في جنائز المواطنين الممتازين. وكان الملهى الذي تمثل فيه مسرحيات بلوتس وترنس يتكون من محالة (١) خشبية تعلوها خلفية مزخرفة scaena أمامها طوار مستدير للرقص جزؤه الخلفي هو المسرح proscaenium. وكان هذا البناء الهش الرقيق يهدم عقب كل حفل كما نفعل نحن بالمقاعد والحواجز التي نقيمها للاستعراض في هذه الأيام. وكان النظارة يشاهدون اللعاب وهم وقوف أو جلوس على مقاعد يأتون بها معهم، أو يتربعون على الأرض في العراء. ولم تبن في رومه دار كاملة للتمثيل قبل عام ١٤٥ ق. م، وحتى في ذلك الوقت كانت الدار لا تزال بناء خشبياً لا سقف له، ولكن مقاعد مصفوفة على نظام المدرجات اليونانية نصف الدائرية. ولم يكن النظارة يؤدون لدخولها أجراً، وكان في مقدور الأرقاء أن يدخلوا دون أن يكون لهم حق الجلوس، أما النساء فلم يكن يسمح لهن إلا بالجلوس في المقاعد الخلفية. ولعل النظارة في ذاك العهد كانوا أخشن من شهدهم تاريخ التمثيل كله وأشدهم غباوة- فكانوا جماعة من الخابين المتزاحمين الوضيعين. وكثيراً ما كان يطلب إليهم في بداية التمثيل أن يراعوا قواعد الأدب والأخلاق، كما أن الفكاهات والنكات السمجة العادية يطلب تكرارها لكي يستطيع النظارة إدراكها. وكان يطلب إلى الأمهات في بعض الأحيان أن يتركن أطفالهن في منازلهن، وكانت الخطب الافتتاحية تنذر الأطفال بالعقاب إذا أحدثوا شيئاً من الضجيج، أو تحذر النساء من الثرثرة في أثناء التمثيل. وترى هذه المطالب مدونة حتى في وسط المسرحيات التي نشرت فيما بعد (٣٢). وإذا حدث أن صحب التمثيل صراع ينال المتفوق فيه جائزة، أو ألعاب بهلوانية على الحبال، فقد كان التمثيل ينقطع أحياناً حتى ينتهي الصراع
(١) المحالة الخشبية التي يستقر عليها الطيانون وهي المعروفة بالسقالة. (المترجم)