ونقاشه. وكتب رسالة جمع فيها تجاربه في الزراعة وسماها De agricultura. وهي الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا من كتب كاتو، وأقدم كتاب في اللغة اللاتينية الأدبية أبقى عليه الدهر. وقد كتب هذا الكتاب بأسلوب سهل رصين مركز تركيزاً يجعله من جوامع الكلم. فهو لا يسرف في الألفاظ، وقلما ينزل فيه إلى استخدام حرف من حروف الوصف، وفي هذا الكتاب يقدم النصائح المفصلة لمن يريد أن يشتري أو يبيع الرقيق (فيقول مثلاً: إن كبار السن منهم يجب أن يباعوا قبل أن يصيروا مصدر خسارة لسادتهم)، ولمن يؤجر الأرض بجزء من غلتها، ولزراع الكروم والأشجار، وتدبير شؤون المنازل والصناعات، وصنع الأسمنت وطهو أصناف الطعام النادرة الشهية، وعلاج الإمساك والإسهال، ومداواة لسع الأفاعي بروث الخنازير، وتقريب القربان للآلهة. ويسأل كاتو نفسه في هذا الكتاب عن أحكم الطرق للإفادة من الأرض الزراعية، ثم يجيب عن هذا السؤال بقوله إنها "تربية الماشية المربحة"، وتليها "تربية الماشية المتوسطة الربح"، وتليها "تربية الماشية العديمة الربح"، ويليها كلها "حرث الأرض وزرعها". وهذه هي الحجج التي أوجدت الضياع الواسعة في إيطاليا.
ولعل أهم كتبه كلها هو كتاب "الأصول" Origines الذي لم يعثر عليه حتى الآن، وهو محاولة جزئية للبحث في آثار إيطاليا، وشعوبها، ونظمها، وتاريخها منذ نشأتها إلى السنة التي مات فيها كاتو، ولا نكاد نعرف من هذا الكتاب أكثر من أن مؤلفه أراد أن يغيظ الأشراف بالسخرية من أسلافهم فلم يذكر فيه اسم أحد من قواد الحرب، ثم ذكر فيلا باسمه، وأثنى عليه لأنه قاتل بيرس Pyrrhus قتال الأبطال (٤٥). وكان الغرض الذي يهدف إليه كاتو من تأليف هذا الكتاب ومن مقالاته عن الخطابة، والزراعة والصحة العامة، والعلوم العسكرية،