نوميديا في عام ١٥١، وفي السنة الثانية أعلنت رومه الحرب على قرطاجنة.
ووصل هذا النبأ الأخير إلى مسامع القرطاجنيين، ووصل معه أن الأسطول الروماني قد أقلع إلى إفريقية. ولم تكن المدينة القديمة مستعدة لخوض غمار حرب عوان مهما يكن من كثرة سكانها وضخامة تجارتها. ذلك أن جيشها كان صغيراً وأن أسطولها كان أصغر من جيشها، ولم يكن لها جنود مرتزقة ولا حلفاء. يضاف إلى هذا أن رومه كانت تسيطر على البحار، ومن أجل هذا أعلنت أتكا انضمامها إلى رومه، وحال مسينسا بين قرطاجنة وبين الاتصال بالأرض التي خلفها في القارة الإفريقية، وأرسلت قرطاجنة بعثة عاجلة إلى رومه وأمرتها أن تجيبها إلى جميع مطالبها فوعدها مجلس الشيوخ الروماني بأنه إذا أسلمت قرطاجنة إلى القنصلين الرومانيين في صقلية ثلاثمائة من أبناء أشرف الأسر فيها ليكونوا رهائن لديهما، وأجابت القنصلين إلى جميع مطالبهما أياً كانت هذه المطالب، احتفظت في نظير ذلك بحريتها وسلامة أرضها. وأرسل مجلس الشيوخ أوامر سرية إلى القنصلين لينفذا ما صدر إليهما قبل من الأوامر. وأسلم القرطاجنيون أطفالهم بقلوب واجفة وعيون باكية، واحتشد آباؤهم عند شاطئ البحر يودعونهم، وهم في أشد الألم والحسرة، وحاولت أمهاتهم في آخر لحظة أن يمنعن السفن من المسير، وألقت بعضهن أنفسهن في الماء، وأخذن يسبحن فيه ليلقين آخر نظرة على أطفالهن. وأرسل القنصلان الأطفال إلى رومه، وعبرا البحر إلى يتكا Utica على رأس الجيش والأسطول، واستدعيا سفراء قرطاجنة، وطلبا أن تسلم بلدهما كل ما بقي لها من السفن، وكمية كبيرة من الحبوب، وجميع الأسلحة والمعدات الحربية. فلما أجيبت هذه المطالب كلها، طلب القنصلان بعدئذ أن يخرج جميع سكان قرطاجنة منها، وأن يقيموا على بعد عشرة أميال من المدينة، لأنهما سيأمران بإحراقها عن آخرها. وحاول السفراء عبثاً أن يقنعوا الرومان بأن تدمير مدينة أسلمت إلى أعدائها رهائن من أهلها وجميع أسلحتها ومن غير قتال غدر وخيانة