على هذه المشروعين، ولما عاد كيوس وجد دروسس قد كسب قلوب الشعب، ينازعه الزعامة عند كل خطوة يخطوها. ورشح كيوس نفسه لأن يختار تربيوناً مرة ثالثة ولكنه هزم، وقال أصدقاؤه إنه انتخب ولكن أصوات الناخبين قد تناولها الغش والتزوير، غير أنه نصح أتباعه بألا يلجئوا إلى وسائل العنف واعتزل الساسة وفضل عليها الحياة الخاصة.
وأشار مجلس الشيوخ في العام الثاني أن تجلو رومه عن المستعمرة المنشأة في قرطاجنة، وفسرت الأحزاب جميعها هذا الاقتراح- سراً أو جهراً- بأنه مقدمة لحرب يشنها المجلس على قوانين جراكس لإلغائها. وجاء بعض أنصار جراكس إلى الجمعية مسلحين، وقتل أحدهم رجلاً من المحافظين هم بالقبض على كيوس. فما كان من أعضاء مجلس الشيوخ إلا أن خرجوا في اليوم الثاني على استعداد تام للقتال، ومع كل منهم عبدان مسلحان، وهاجموا أنصار جراكس المتحصنين فوق تل الأفنتين. وبذل كيوس كل ما في وسعه لتسكين الفتنة، ومنع اعتداء كلتا الطائفتين على الأخرى؛ فلما عجز عن ذلك ولى هارباً وعبر نهر التيبر، ولما أن لحقه أعداؤه أمر خادمه أن يقتله، وصدع الخادم بالأمر ثم قتل نفسه. وقطع أحد أصدقاء كيوس رأس صديقه، وحشاها بالرصاص المصهور، وحملها إلى مجلس الشيوخ، وكان المجلس قد أعلن أنه يكافئ من يأتيه بهذا الرأس بما يساوي وزنه ذهباً (٩). وقتل من أنصار كيوس في المعركة مائتان وخمسون، وأعدم ثلاثة آلاف غيرهم تنفيذاً لقرار أصدره مجلس الشيوخ. ولما ألقيت جثته وجثث أتباعه في نهر التيبر لم يحتج على هذا العمل غوغاء المدينة الذين كان يعمل لخيرهم، ذلك أن هؤلاء الغوغاء كانوا وقتئذ في شغل عن هذا الاحتجاج بنهب بيته (١٠). وحرم مجلس الشيوخ على كرنليا أن تلبس ثياب الحداد حزناً على ولدها.