للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت هذه القوانين في جملتها- رغم ما يغشى بعضها من خداع سياسي- أعظم مجموعة من التشريع الإنشائي سنت قبل أيام قيصر.

واستطاع كيوس باعتماده على هذا العون المتعدد النواحي أن يطرح ما جرت به العادة من قديم، وأن يُختار تربيوناً للمرة الثانية. وأكبر الظن أنه قد فكر في ذلك الوقت في السيطرة على مجلس الشيوخ بإضافة ثلاثمائة عضو جديد إلى أعضائه الثلاثمائة، تختارهم الجمعية من بين رجال العمال. واقترح كذلك أن يعطي حق الانتخاب كاملاً لجميع الأحرار من سكان لاتيوم، وأن يعطي هذا الحق منقوصاً إلى سائر الأحرار من سكان إيطاليا، وكانت هذه أجرأ حركة قام بها في طريق الديمقراطية السياسية، ولكنها كانت أيضاً أول ما ارتكب من أغلاط في خططه. ذلك أن من كان لهم حق الاقتراع لم يتحمسوا كثيراً لأن يشترك معهم غيرهم في هذه الميزة التي اختصوا بها حتى ذلك الوقت، ولو كان شركاؤهم فيها قوم لا يستطيع حضور جلسات الجمعيات في رومه إلا أقلية صغيرة منهم. ولم يدع مجلس الشيوخ هذه الفرصة تفلت من بين يديه. ذلك أن كيوس كاد يتجاهله ولا يحسب له حساباً حتى ظن أنه قد فقد كل ما كان له من قوة ومكانة في البلاد، ولم يرقى هذا التربيون النابه إلا زعيماً شعبياً مستبداً يريد أن يستحوذ لنفسه على أكبر قسط من السلطة بتوزيع أملاك الدولة وأموالها ذات اليمين وذات الشمال. ولاح له فجأة حليف جديد هو صعاليك رومه الغيورون على حقهم القديم، وانتهز فرصة غياب كيوس، وكان قد غادر رومه ليثبت قواعد مستعمرته الجديدة في قرطاجنة، فأشار على تربيون آخر هو ماركس ليفيوس دروسس Marcus Livius Drosus أن يضم إليه الزراع الجدد بإصدار قانون يلغي به الضرائب المفروضة على أراضيهم بمقتضى قوانين جراكس، وأن يسترضي صعاليك المدن ويضعفهم في الوقت نفسه بأن يقترح إنشاء اثنتي عشرة مستعمرة جديدة في إيطاليا تتسع كل واحدة منها لثلاثة آلاف من رجال رومه. ووافقت الجمعية من فورها