للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبددوا شمل الأشتات غير المتجانسين الذين جمعهم ماريوس ارتجالاً في رومه. فلما أيقن ماريوس بحرج موقفه فر إلى إفريقيا؛ وقتل سلبسيوس إذ غدر به خادمه. وأمر صلا أن يدق رأس التربيون في منبر الخطابة الذي كان منذ قليل تتجاوب فيه أصداء خطبة البليغة؛ وحرر العبد مكافأة له على خدمته، ثم أمر بقتله جزاء له على غدره. وبينا كان جنوده يسيطرون على السوق العامة أصدر قراراً بألا يعرض أي أمر على الجمعية إلا بأذن مجلس الشيوخ، وإن يكون نظام الاقتراحات هو النظام المقرر في "دستور سرفيوس"، وهو الذي يجعل الأولوية والميزة للطبقات العليا؛ ثم عمل على أن يكون هو القنصل الأول وسمح بأن يختار نيوس أوكتافيوس Cnaeus Octavius وكرنليوس سننا Cornelius Cinna قنصلين (٨٧)، ثم سار للقاء مثرادتس العظيم.

ولكنه لم يكد يغادر إيطاليا حتى قام النزاع من جديد بين طبقة العامة وطبقتي الأشراف والفرسان الممتازيين، ونشب القتال في السوق العامة بين أنصار أكتافيوس المحافظين وأتباع سنا المتطرفين، وقتل من الفريقين في يوم واحد عشرة آلاف رجل. وانتصر أكتافيوس في آخر الأمر وفر سنا لينظم الثورة في المدن المجاورة، ثم أبحر إلى إيطاليا بعد أن قضي الشتاء مختفياً، وأعلن تحرير الرقيق، وسار على رأس قوة مؤلفة من ستة آلاف رجل لقتال أكتافيوس في رومه. وانتصر الثوار وذبحوا آلافاً مؤلفة من أعدائهم، وزينوا منابر الخطابة برؤوس الشيوخ المقتولين، وساروا في الشوارع صفوفاً ورؤوس الأشراف فوق رماحهم، وأضحت هذه سنة جرى عليها الثوار فيما بعد. واستقبل أكتافيوس الموت في هدوء واطمئنان وهو جالس على كرسي التربيون مرتدياً ملابسه الرسمية. ودامت المذبحة خمسة أيام بلياليها، كما دام الإرهاب عاماً كاملاً، واستدعت محكمة الثورة الأشراف للمثول أمامها، وقضت بإدانتهم إذا كانوا قد قاوموا ماريوس وصادرت أملاكهم. وكانت إيماءة ماريوس تكفي لأن تطيح برأس أي إنسان