العامة برؤوس القتلى وبقوائم بأسماء المحكوم عليهم تتجدد من آن إلى آن، ولم يكن يسع المواطنين إلا الاطلاع عليها بعد الفينة والفينة ليعرفوا مصيرهم أهو الموت أم الحياة. وانتشرت أهوال المذابح والنفي ومصادرة الأملاك من رومه إلى الولايات، وكان ضحاياها هم الثوار الإيطاليين وأتباع ماريوس أينما وجدوا. وكان عدد من قتلوا في هذا الإرهاب الأرستقراطي حوالي أربعة آلاف وسبعمائة نفس. ويصف أفلوطرخس هذا الإرهاب بقوله:"وكان الأزواج يذبحون بين أحضان زوجاتهم، والأبناء في جحور أمهاتهم". وقد حكم على كثيرين ممن وقفوا على الحياد أو كانوا من المحافظين، فمنهم من قتل ومنهم من نفي، وقيل إن صلا قد فعل بهم ذلك لحاجته إلى أموالهم، ينفقها على جنوده أو في ملذاته، أو يكافئ بها أصدقاءه. وكانت الأملاك المصادرة تباع لمن يعرض فيها أغلى الأثمان، أو للمقربين ذوي الحظوة عند صلا، وأضحت هذه الأملاك أساساً لثراء كثيرين من الناس أمثال كراسس Crassus وكتلين Catiline. واستخدم صلا حقوقه الدكتاتورية في إصدار طائفة من المراسيم- تعرف بالقوانين الكرنيلية نسبة إلى العشيرة التي ينتمي إليها- كان يرجو أن ينشئ بها دستوراً أرستقراطياً يظل دستور رومه طوال حياتها. وأراد أن يسد ما طرأ على عدد مواطني رومه من النقص بسبب الموت، فأعطى حق المواطنين لكثير من الأسبان والكلت ولبعض الأرقاء السابقين، فأضعف من سلطان الجمعيات بحشد هؤلاء الأعضاء الجدد فيها وهم المدينون له بعضويتها، وبتحديد القانون القديم القاضي بألا يعرض قانون على الجمعية إلا بموافقة مجلس الشيوخ. ثم عمل على وقف نزوح الإيطاليين إلى رومه فوقف توزيع الغلال من قبل الدولة على الأهلين ثم قلل ازدحام السكان في المدينة بتوزيع الأراضي الزراعية على اثنى عشر ألفاً من جنوده الأقدمين. وأراد أن يمنع القنصل الذي يختار لمنصبه جملة مرات متتالية أن يكون دكتاتوراً فعلياً، فأصر على تنفيذ السنة القديمة التي كانت تحرم على أي موظف أن يشغل منصبه مرة