ثانية إلا بعد مضي عشر سنوات على خروجه منه في المرة السابقة. وأنقص مكانة التربيون بتقييد حقه في الرفض وحرمان التربيون السابق من حق التعيين في أي منصب من المناصب الكبرى. واسترد من رجال الأعمال حقهم الذي كان مقصوراً عليهم في أن يكونوا محلفين في المحاكم العليا، ورد هذا الحق إلى مجلس الشيوخ، واستبدل بنظام الالتزام في الضرائب نظام جباتها من الولايات نفسها وإرسالها إلى خزانة الدولة مباشرة. ثم أعاد تنظيم المحاكم، وزاد في عددها ضماناً لسرعة البت في القضايا؛ وحدد اختصاصها ومدى اختصاصها ومدى سلطتها تحديداً دقيقاً، ورد إلى مجلس الشيوخ كل ما كان له قبل ثورة ابني جراكس من مزايا تشريعية وقضائية وتنفيذية واجتماعية، وحق أعضائه في لبس زي خاص. وقد فعل صلا كل هذا ليقينه أن الحكم الملكي أو الأرستقراطي هما اللذان يصلحان دون غيرهما من النظم لحكم الإمبراطوريات حكماً حازماً حكيماً؛ ثم عمل على زيادة عدد أعضاء مجلس الشيوخ إلى الحد المقرر، فأجاز للجمعية القبلية أن ترقي إلى عضويته ثلاثمائة من طبقة "الفرسان"، وأراد أن يبرهن على ثقته بعدالة هذا الإجراء الشامل واطمئنانه له فسرح جيوشه وقرر ألا يسمح ببقاء جيوش في إيطاليا كلها. وبعد أن ظل حاكماً بأمره عامين تخلى عن سلطته بأجمعها، وأعاد الحكم القنصلي، واعتزل الحياة العامة (عام ٨٠ ق. م).
وكان في حياته الجديدة آمناً على نفسه، لأنه قد قتل كل من يستطيعون الإئتمار به. ولذلك سرح حرسه وقواده، وكان يسير في السوق العامة لا يخشى أذى، وعرض أن يفسر أعماله الوطنية لكل مواطن يطلب إليه أن يفسرها له. ثم ذهب ليقضي أيامه الأخيرة في قصره الصغير في كومي، بعد أن مل الحرب والسلطان والمجد، ولعله قد مل أيضاً صحبة الناس، فأحاط نفسه بالمغنين والمغنيات والراقصين والراقصات، والممثلين والممثلات، وأخذ يكتب شروحه Commentarii ويتسلى بصيد الحيوان والسمك، والانهماك في الطعام والشراب. وأطلق عليه الناس