أنوبو بحب بيتيو، فردها عن نفسه، فانتقمت منه بأن وشت به إلى أخيه واتهمته بأنه أراد بها سوءا. وجاءت الآلهة والتماسيح لتعين بيتيو على أنوبو ولكن بيتيو ينفر من بني الإنسان ويضيق بهم ذرعا ويبتر نفسه ليبرهن بذلك على براءته، ويعتزل العالم إلى الغابات كما فعل تيمن الآثيني (١) فيما بعد. ويعلق قلبه في أعلى زهرة في شجرة لا يستطيع الوصول إليها أحد. وتشفق عليه الآلهة في وحدته فتخلق له زوجة رائعة الجمال يشغف النيل بحبها لفرط جمالها، ويختلس غديره من شعرها. وتحمل مياه النهر هذه الغديرة فيعثر عليها الملك، فيسكره عطرها، ويأمر اتباعه بالبحث عن صاحبتها. ويعثر هؤلاء عليها ويأتونه بها، ويتزوجها. وتدب في قلبه الغيرة من بيتيو فيرسل رجاله ليقطعوا الشجرة التي علق عليها بيتيو (١٥٠). ألا ما أقل الفرق بين أذواقنا وأذواق من سبقونا من الخلق!.
وكانت معظم الآداب المصرية الأولى آداباً دينية، وأقدم القصائد المصرية ترانيم نصوص الأهرام. وصيغتها هي أيضا أقدم الصيغ المعروفة لنا، وهي عبارة عن تكرار المعنى الواحد بعبارات مختلفة، وقد أخذ الشعراء العبرانيون عن المصريين والبابليين هذه الطريقة وخلدوها في المزامير (١٥١). وفي عصر الانتقال من الدولة القديمة إلى الدولة الوسطى تصطبغ الآداب تدريجاً بالصبغة الدنيوية "الدنسة". وفي قطعة من بردية قديمة لمحة خاطفة تشير إلى طائفة من الأدب الغرامي بقيت لنا لأن كاتبا من كتبة الدولة قد منعه الكسل أن يتم محو ما على هذه البردية من كتابة فبقى عليها خمسة وعشرون سطراً تستطاع قراءتها، وتروي قصة لقاء بين راع وإحدى الإلهات. وتقول هذه القصة أن "الإلهة التقت بالراعي وهو سائر في طريقه إلى البركة، وكانت قد خلعت ملابسها وأرخت شعرها". ويروي الشاعر ما حدث بعدئذ رواية الحذر الحريص فيقول:
(١) انظر قصة تيمن الأثيني في ترجمتنا العربية لكتاب " قصص من شكسبير "