للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها مائتي ألف سسترس أو أكثر (١٧). ولكن لوكلس لم يكن بالرجل النهم، وكانت بيوته بمثابة معارض لروائع الفن المختارة أحسن اختيار، وكانت مكتباته مورداً عذباً للعلماء والأصدقاء، وكان هو نفسه ضليعاً في الآداب القديمة وفي الفلسفة على اختلاف أنواعها. وكان يفضل منها بطبيعة الحال فلسفة أبيقور. وكان يسخر من حياة بمبي الشاقة المجهدة، ويرى أن حسب المرء طول حياته حملة حربية واحدة، وأن كل ما زاد على ذلك غرور لا خير فيه.

وحذا حذوه كثيرون من أثرياء رومه وإن لم يكن لهم ذوقه، وسرعان ما أخذ الأشراف والأثرياء يتنافسون في مظاهر الترف والنعيم، على حين كان وميض نار الثورة يلوح في الولايات المفلسة، والناس يموتون جوعاً في أكواخهم القذرة الحقيرة. وكان الشيوخ لا يستيقظون من نومهم إلا وقت الظهيرة، وقلما كانوا يحضرون جلسات المجلس. وكان بعض أبنائهم يتزينون بأزياء العاهرات، ويختالون في الطرقات كاختيالهن، على أجسامهم ثياب مطرزة مزركشة، وفي أرجلهم صنادل النساء، متعطرين متحلين بالجواهر، لا يقبلون على الزواج، وإذا تزوجوا عملوا على ألا يكون لهم أبناء، وينافسون شبان اليونان في التخنث. وكان الشيخ الواحد في رومه ينفق على بيته ما لا يقل عن عشرة ملايين سسترس. وقد بنى كلوديوس زعيم العامة قصراً كلفه ١٤. ٨٠٠. ٠٠٠. وكان المحامون أمثال شيشرون وهورتنسيوس Hortensius يتنافسون في تشييد القصور تنافسهم في الخطابة رغم قانون سنسيوس الذي يحرم الأجور القضائية. وكانت حدائق هورتنسيوس تحوي أكبر مجموعة من الحيوانات في إيطاليا كلها. وكان لكل رجل ذي مقام منزل ذو حديقة في بايا Baiae أو بالقرب منها، حيث كان الأشراف يتمتعون بحمامات البحر وجمال خليج نابلي،