ويطلقون لشهواتهم الجنسية العنان. وقامت قصور أخرى من نوعها على التلال المجاورة لرومه. وكان لكل ثري عدد من هذه القصور، فكان ينتقل من قصر إلى قصر في فصول السنة المختلفة. وكانت الأموال تنفق جزافاً في تزيينها من الداخل، وفي تأثيثها وشراء ما يلزمها وما لا يلزمها من الصحاف الفضية، وحسبنا أن نذكر أن شيشرون أنفق خمسمائة ألف سسترس على نضد من خشب الليمون. ولم يكن غريباً أن ينفق أمثاله مليون سسترس على نضد آخر من خشب السرو، ولقد قيل إن كاتو الأصغر، وهو الذي كان مضرب المثل في الفضائل الرواقية بأجمعها، قد ابتاع من مدينة بابل أغطية خوان بثمانمائة ألف سسترس (١٨).
وكان يقوم بالخدمة في هذه القصور جيوش من الأرقاء أخصائيون في أعمالهم المختلفة- منهم خدم حجرة السيد نفسه، ومنهم حاملو رسائله، وموقد ومصابيحه، وموسيقيوه، وأمناء سره، وأطباؤه، وفلاسفته، وطهاته. وأصبح الأكل وقتئذ أهم أعمال الطبقات العليا في رومه. وكان القانون الأخلاقي عندهم وهو قانون كتردورس القائل بأن:"الشيء الطيب هو ما له صلة بالبطن". وحسبنا دلالة على فهم أهل ذلك العصر وتفننهم في ملء بطونهم أن نذكر أن وليمة أقامها كاهن كبير في عام ٦٣ ق. م وحضرها خليط من الجنسين منهم قيصر وعذارى فستا، كانت المشهيات فيها بلح البحر، وطيور الدج بالخنجل (الأسفراغ) والطيور السمينة، وفطائر البطلينوس (١)، وحشيشة القريض البحرية، وشرائح البطارخ والسمك الصدفي الأحمر، والطيور المغردة؛ ثم يجيء بعد هذا الطعام نفسه ويتكون من أثداء الخنازير، ورؤوسها، السمك، والبط المنزلي والبري، والأرانب، والدجاج، والفطائر والحلوى (١٩). وكانت الأطعمة الشهية النادرة تستورد من جميع أجزاء الإمبراطورية ومن البلاد الخارجية، فالطواويس تستورد