للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الجمال حدا أنطق فلورا Flora إحدى سراري ذلك الوقت بقولها إنها لم تكن تستطيع أن تفارقه قط دون أن تعضه (٣٤). وكان مرهف الشعور، شديد الحياء، يحمر وجهه من شدة الخجل إذا اضطر إلى خطابة في اجتماع عام، أما في الحرب فقد كان في تلك الأيام باسلاً مقداماً يخوض غمارها ولا يبالي بما يتعرض له من الأخطار. ولما تقدمت به السن أثر حياؤه كما أثرت بدانته في قدرته على القيادة، وكان تردده سبباً في هزائمه. ولم يكن ألمعياً سريع الخاطر أو عميق التفكير؛ ولم يكن هو الذي يرسم الخطط التي يسير عليها، بل يضعها غيره- كان يضعها له في أول الأمر السياسيون من طبقته العامة ثم الأثرياء من الشيوخ. وكان ثراؤه الواسع سبباً في انتشاله من المغريات السياسية الدنيئة؛ فكان وهو في وهدة الفساد والأنانية التي يتردى فيها أهل زمانه علماً في الوطنية والاستقامة؛ ويلوح أنه كان في أعماله يستهدف الصالح العام مع صالحه الخاص. وكان أبرز عيوبه غروره وكبرياؤه، ومنشأ ذلك أن انتصاراته الأولى قد جعلته يغالي في تقدير مواهبه، وكان مما يعجب له ولا يستطيع فهمه أن تتلكأ رومه هذا التلكؤ الطويل في أن تجعله يستمتع بكل ما يستمتع به الملوك إلا الاسم وحده.

ولما تسنم صنيعتا صلا منصب القنصلية أخذا يعملان ما في وسعهما لتقويض أركان الدستور الذي وضعه ولي نعمتهما. وأراد بمبي وكراسس أن يوفيا بما عليهما من دين للعامة فأقرا مشروع قانون يهدف إلى إرجاع ما كان للتربيون من سلطات، ووطدا دعائم حلفهما مع رجال الأعمال فأمرا لوكلس أن يخول الملتزمين الإشراف التام على جباية الضرائب في بلاد الشرق، وأيدا التشريع الذي يقضي بأن توزع مناصب المحلفين بالتساوي بين أعضاء الشيوخ وطبقتي الفرسان ورجال المال. ومضى على كراسس خمسة عشر عاماً قبل أن يلقى جزاءه- وهو أن يصب الذهب في جوفه صبا في بلاد آسيا. أما بمبي فقد نال جزاءه في عام ٦٧ حين خولته الجمعية سلطة تكاد أن تكون مطلقة من كل قيد في