تعمدنا الخطأ في العد والحساب لكيلا نعرف نحن عديدها
أو تحسدنا عليه نفس حقيرة
إن عرفت عدد قبلاتنا الكثيرة.
ولسنا نعرف كم من الوقت دامت هذه النشوة؛ وأكبر الظن أنها قد ملت آلافه المؤلفة، فرأت أن تراوح عن نفسها بعد أن خانت زوجها من أجله بأن تستبدل به عاشقاً غيره. واتسعت وقتئذ دائرة عشاقها حتى خالها كاتلس في نوبة من نوبات الجنون "تعانق ثلاثة آلاف زان مرة واحدة"(٣٥). وأبغضها في الوقت الذي كانت فيه نار الحرب تلتهم فؤاده (adi et Amo) (٣٦) ، وأبى أن يستمع إلى ما كانت فيه تحدثه به من وفاء وإخلاص، وصور لنا هذا الإباء بالصورة المأثورة عن كيتس Keats:
إن الألفاظ التي تفوه بها المرأة للمحب الواله الجائع،
يجب أن تنقش على صفحة الرياح السافية،
وتحفر على مجاري الماء الدافقة (٢٧).
ولما أصبح الشك اللاذع يقيناً لا مرية فيه، استحال هيامه بها حقداً عليها ورغبة قوية في الانتقام منها، فاتهمها بأنها تسلم نفسها لرواد الحانات، وأخذ يندد بمحبيها الجدد ولا يتورع عن سبهم بأفحش الأقوال وفكر في الانتحار، على حد قوله في شعره.
وقد أظهر في الوقت نفسه عواطف أشرف من هذه وأدل منها على نبله: فقد وجه إلى صديقه مانليوس في يوم عرسه أغنية يقول فيها إنه يحسده على ما يتيحه له زواجه من صحبة طيبة صالحة، وبيت آمن مستقر، ومن متاعب سعيدة هي متاعب الأبوة. ثم انتزع نفسه من مكان مأساته بأن صحب مميوس Memmius