للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألف نسخة من كل مخطوط. وكان بائعو الكتب يشترون النسخ جملة من الناشرين أمثال أتكس Atticus ثم يبيعونها فرادى في محال بيعها. ولم يكن الناشر أو البائع يعطي المؤلف شيئاً، اللهم إلا كلمة طيبة أو هدية في بعض الأحيان، ذلك أن الرسوم التي تؤدي الآن إلى مالك الكتاب لم تكن معروفة في ذلك الوقت. وكانت المكتبات العامة كثيرة العدد، وقد جعل أسنيوس بليو Asinius Pollio في عام ٤٠ ق. م مجموعته الخاصة أولى المكتبات العامة في رومه. وفكر قيصر بإنشاء مكتبة أخرى أكبر منها وجعل فارو مديراً لها، ولكن هذه الفكرة لم تنفذ إلا في عهد أغسطس، شأنها شأن كثير من أفكار قيصر ومشروعاته.

وكان من أثر هذه الوسائل المشجعة التي خففت كثيراً من المتاعب عن طلاب العلم، أن أخذ الأدباء والعلماء الرومان ينشطون نشاط علماء الإسكندرية وأدبائها، فغمر البلاد سيل جارف من القصائد والنشرات، وكتب التاريخ، والكتب المدرسية، لا يقل في قوته عن فيضان نهر التيبر نفسه. فكان كل شريف يزين مغامراته بالشعر، وكانت كل سيدة تكتب وتلحن، وكل قائد يدون مذكرات، وكان العصر عصر "الملخصات"، تخرج في كل موضوع من الموضوعات لتفي بحاجات ذلك العصر التجاري السريع.

وقد اتسع وقت ماركس ترنتيوس فارو Marcus Terentius Varro، رغم حملاته الحربية الكثيرة، خلال حياته التي دامت تسعة وثمانين عاماً (١١٦ - ٢٦ ق. م)، لتخليص كل فرع من فروع العلم يعرفه أهل زمانه. وكانت ملفاته البالغ عددها ٦٢٠ ملفاً (نحو ٧٤ كتاباً) دائرة معارف عصره كتبها رجل بمفرده. وقد افتتن بالبحث في أصول الكلمات فكتب مقالاً "في اللغة اللاتينية" لا يزال حتى الآن أكبر ما يهدينا إلى معرفة لغة الرومان الأولى. ولعله أراد أن يعاون أغسطس على تحقيق بعض أغراضه فحاول في رسالته " عن الحياة الريفية" De Re Rustica (٣٦