للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ق. م) أن يشجع الناس على العودة إلى الأرض لتكون خير ملجأ يعصمهم من فوضى النزاع المدني. وقد جاء في مقدمة هذه الرسالة: "إن السنة الثمانين تنذرني بان على أن أحزم متاعي وأستعد للخروج من هذه الحياة" (٤٢)، وهو يرى أن تكون آخر وصيته له مرشداً يهديه إلى الحياة الريفية الهادئة السعيدة، ويعجب بالنساء القويات اللائي يلدن في الحقول ثم يواصلن عملهن من فورهن (٤٣). ثم يبدي حزنه وأسفه على نقص نسبة المواليد بين المواطنين، وهو النقص الذي اخذ يبدل سكان رومه ويقول: "لقد كانت نعمة الأطفال سبب فخر المرأة وإعجابها بنفسها، أما الآن فإنها تفخر بما يفخر به إنيوس Ennius فتفضل أن تواجه الحرب ثلاث مرات على أن تلد طفلاً واحداً". ويقول في "عادياته المقدسة" Divine Antiquities إن كثرة النسل والنظام والشجاعة في أمة ما تتطلب مبادئ أخلاقية تؤيدها عقيدة دينية. ويأخذ بقول المشرع العظيم كونتس موسيوس أسكيفولا Q. Muciu Scarvola إن الدين نوعان- أحدهما للفلاسفة والثاني لعامة الشعب، وينادي بأن ثانيهما يجب أن يقوي وتثبت دعائمه، على الرغم مما فيه من عيوب ونقائص لا يرتضيها العقل، ويشير إلى بذل الجهود لإرجاع عبادة آلهة رومه القديمة إلى عهدها الأول، وإن كان هو نفسه يؤمن بنوع غامض من وحدة الوجود (١). ولقد تأثر بكاتو وبولبيوس فألقى بنفسه في تيار سياسة أغسطس الدينية وإن لم يكن من المؤمنين بمبادئها، كما نهج منهج فرجيل في تقواه الريفية.

وكأنما أراد فارو أن يتم أعمال كاتو الأكبر في جميع الميادين فاكمل كتاب الرقيب المعروف باسم "الأصول Oirgines" في كتابه هم المسمى "حياة الشعب الروماني"- وهو كتاب في تاريخ الحضارة الرومانية. ومما يؤسف له أن الدهر


(١) "روح العالم هو الله وأجزاؤه التي يكون منها أرباب حقه".