وسريرته كاملتين، كما عرضت عليهم نفسية شيشرون وسريرته. وفي ذلك يقول نيبوس Nepos " لا حاجة لمن يقرأ هذه الرسائل بقراءة تاريخ تلك الأيام"، ذلك أن في وسع قارئها أن يطلع على أهم الفصول الحيوية من المسرحية الثورية من داخلها، والستائر كلها مرفوعة عنها. وأسلوبها في الغالب صريح قديم، خال من الفن والتكلف، ملئ بالملح والفكاهات (٤٩)، ولغتها مزيج جذاب من الرقة الأدبية، وسلاسة اللغة الدارجة. وهي أكثر ما بقي من آثار شيشرون بل من النثر اللاتيني كله طرافة ومتعة؛ ومن الطبيعي أن نجد في هذه المجموعة الكبيرة من الرسائل (وهي تشمل ٨٦٤ رسالة تسعون منها كتبت لشيشرون) بعض المتناقضات وغير قليل من الشواهد الدالة على عدم الإخلاص. وليس فيها كلها أثر واحد للتقي والإيمان اللذين يطالعاننا كثيراً في مقالات شيشرون أو في تلك الخطب التي يجعل الآلهة فيها ملجأه الأخير، ويتبين لنا من هذه الرسائل أن رأيه الخاص في كثير من الناس، وخاصة في قيصر، لا يتفق على الدوام مع ما يصفهم به جهرة (٥٠)، وفيها يظهر غروره الشديد الذي لا يكاد يصدقه العقل ألطف وأحب إلى النفس مما يظهر في خطبه، حيث يبدو لنا وكأنه يحمل معه تمثالاً أينما ذهب. وهو يقر مبتسماً بأن "تقديري لنفسي وثنائي عليها أعظم الأشياء قدراً عندي"(٥١). ويؤكد لنا في سذاجة ساحرة أنه "إذا كان في الناس من لا يتصف بالغرور فهو أنا"(٥٢). ومما يلهو به القارئ ما يجده فيها من رسائل كثيرة عن المال، ومن أقوال كثيرة عن بيوته المتعددة. فقد كان له فضلاً عن بيوته ذات الحدائق في أربينوم Arpinum وأستوري Asturae وبتيولي وبمبي Pompeii كان له فضلاً عن هذه البيوت ضيعة في فورميا Formiae تبلغ قيمتها ٢٥٠. ٠٠٠ سترس، وأخرى في تسكولوم Tusculum تساوي ٥٠٠. ٠٠٠، وقصر عل تل بلاتين