للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سرفليا Servilia كانت أحب عشيقات قيصر له. ولما ارتاب كاتو في صلات قيصر بكاتلين وظنه شريكاً له في مؤامراته طلب إليه في مجلس الشيوخ أن يقرأ جهرة رسالة جئ بها إليه في تلك اللحظة، فما كان من قيصر إلا أن أوصلهما إليه دون تعليق عليها، فإذا هي رسالة حب بعثت بها إليه سرفليا (٥). وظلت تهيم بحبه طوال حياته؛ وكانت ألسنة السوء القاسية تتهما في أخريات أيامها بأنها أسلمت ابنتها ترشيا Tertia إلى قيصر لتشبع شهواته. وحدث في مزاد علني أثناء الحرب الأهلية أن باع قيصر إلى سرفليا ضياعاً صادرها من جماعة من الأشراف المعاندين بثمن أسمى زهيد. ولما أظهر بعضهم دهشته من ضآلة الثمن قال شيشرون في سخرية لاذعة كانت خليقة بأن تطيح برأسه إنه tertia deducta، وهي عبارة تحتمل معنيين فقد يكون معناها أن الثمن "ينقص ثلثه" وقد تكون إشارة منه إلى الإشاعة الرائجة وقتئذ وهي أن سرفليا قد جاءت بابنتها ترشيا إلى قيصر. وأصبحت ترشيا فيما بعد زوجاً ليكيوس القاتل الأول لقيصر، وهكذا يختلط عشق الخلائق بالفتن التي تندلع نيرانها في الدول.

ولعل هذه الظروف قد ساعدت على رفع قيصر إلى أعلى الدرجات، ولعلها أيضاً قد عانت على سقوطه. فقد كانت كل امرأة فاز بحبها صديقة له عظيمة النفع، وخاصة في معسكرات الأعداء؛ وقد حافظت معظمهن على وفائهن له حتى بعد أن هدأت عاطفة حبه لهن وأضحت لا تزيد على المجاملات المألوفة من الرجال إلى النساء. من ذلك أن كراسس أقرض قيصر أموالاً طائلة ليستخدمها في الدعاية لنفسه وهو يطالب بالقنصلية فيرشو بها الشعب، ويقيم له الألعاب، وذلك على الرغم مما كان يشاع وقتئذ من أن زوجته ترتلا كانت تعشق قيصر.

وحسبك دليلاً على مقدار هذه الأموال أن قيصر كان يوم ما مديناً له بثمانمائة تالنت (٢. ٨٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي). ولم يكن الباعث على هذه القروض هو الكرم والصداقة، بل كانت بمثابة اشتراك من أصحابها في الحملات