للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان خوف مجلس الشيوخ من هذه الأعمال أكثر من سروره منها، فلما علم أن بمبي قد نزل في برندزيوم (٦٢) ومعه جيش يدين له بالولاء والإخلاص، ويستطيع بكلمة من قائده أن يجعله حاكماً بأمره على البلاد، لما علم مجلس الشيوخ ذلك تملكه الرعب. ولكن بمبي كان رجلاً كريماً عظيماً، فسرح جنوده ودخل رومه وليس معه إلا أتباعه الأخصاء. ودام الاحتفال بنصره يومين كاملين، ولكن هذه الفترة على طولها لم تكف لعرض الحفلات التي تصور انتصاراته وتظهر مغانمه.

وكان مجلس الشيوخ حقوداً ضنيناً، فرفض طلبه القاضي بتوزيع الأرض على جنوده، ولم يقر الاتفاقات التي عقدها مع الملوك المغلوبين، وأعاد النظم التي أقامها من قبله لوكلس في بلاد الشرق والتي أغفلها بمبي. وكانت نتيجة هذه العمال أن تمزق اتفاق شيشرون المعروف بحلف الطبقات Concordi ordinum، وأن ألقى بمبي والرأسماليين في أحضان الطبقات الدنيا واغتنم قيصر هذه الفرصة السانحة فألف منه ومن بمبي وكراسس الحكومة الثلاثية الأولى (٦٣) وتعهدوا جميعاً أن يقاوموا كل تشريع لا يرضى عنه أي واحد منهم. واتفق بمبي أن يساعد قيصر في أن ينتخب قنصلاً، كما تعهد قيصر، إذا ما اختير لهذا المنصب، أن ينفذ الاقتراحات التي عرضها ورفضها مجلس الشيوخ.

وكانت الحملة الانتخابية شديدة مريرة استخدمت فيها الرشوة من كلا الجانبين. ولما سمع كاتو زعيم المحافظين أن حزبه يبتاع أصوات الناخبين تحلل من مبادئه الأولى ووافق على هذا العمل بحجة أنه وسيلة إلى غرض نبيل، واختار العامة قيصر كما اختار الأشراف ببياوس Pibulus.

وما كاد قيصر يتسلم مقاليد منصبه (٥٩) حتى عرض على مجلس الشيوخ