خرف ذلك العام، وفي الفترة الواقعة بين الزمنيين يفقد الحصانة التي يسبغها عليه منصبه، ولا يستطيع دخول رومه دون أن يعرض نفسه للاتهام بأنه خارج على القانون، وهو السلاح المألوف الذي كانت تلجأ إليه الأحزاب المختلفة في رومه في نزاعها على السلطة. وكان ماركس مارسلس Marcus Maecellus قد عرض قبل ذلك الوقت على مجلس الشيوخ أن يعزل قيصر من الولاية قبل انتهاء مدتها، ومعنى هذا الغزل هو البقاء خارج البلاد أو المحاكمة، وكان التربيونان قد أنجياه من هذه المكيدة باستخدام ما لهما من حق الاعتراض، ولكن مجلس الشيوخ كان بلا ريب راضياً عن هذا الاقتراح، وقال كاتو بصريح العبارة إنه يرجو أن توجه التهمة إلى قيصر، وأن يحاكم وينفى من إيطاليا.
أما قيصر نفسه فلم يدخر جهداً في العمل على إزالة أسباب النزاع بينه وبين خصومه. فلما أن طلب مجلس الشيوخ بإيعاز بمبي أن يتخلى له كلا القائدين عن فيلق يرسله لقتال بارثيا، أجابه قيصر من فوره إلى طلبه، وإن لم تكن القوة الني لديه كبيرة. ولما طلب بمبي إلى قيصر أن يعيد إليه الفيلق الذي أرسله له قبل عام من ذلك الوقت، بادر أيضاً بإرساله إليه، وإن كان أصدقاؤه قد أبلغوه أن الفيلقين لم يرسلا إلى بارثيا بل بقيا في كابوا. وطلب قيصر على لسان مؤيديه في مجلس الشيوخ أن يعاد العمل بقرار الجمعية السابق الذي كان يجيز له أن يرشح نفسه لمنصب القنصلية وهو غائب عن رومه، ولكن المجلس رفض الاقتراح وطلب إلى قيصر أن يسرح جنوده. وأحس هو أن ليس له سند يحميه إلا فيالقه، ولعله لم يكن يعمل لكسب ولائهم له إلا ليقفوا إلى جانبه في مثل هذه الأزمة. غير أنه في ذلك الوقت عرض على مجلس الشيوخ أن يعتزل هو وبمبي منصبيهما- وبدا هذا العرض معقولاً لا غبار عليه في نظر الشعب، حتى أنه كلل جبين رسوله بالأزهار. ووافق المجلس على هذه الخطبة بأغلبية ٣٧٠ ضد ٢٢، ولكن بمبي أبى أن يخضع لهذا القرار، حتى إذا أشرف عام ٥٠ على الانتهاء ولم يبق منه إلا بضعة