عنيفة تصب على أعدائها العذاب والموت صباً، ومطامع سياسية بعيدة، تحلم ببناء إمبراطورية واسعة، ولا تحترم في سبيل الوصول إلى غايتها قانوناً إلا قانون النجاح. ولو أنها لم يجر في عروقها دم البطالمة المتأخرين الداعرين لكان من الجائز أن تحقق غرضها وتصبح ملكة تحكم دولة واسعة الرقعة تضم بلاد البحر الأبيض المتوسط. وكانت تدرك أن مصر لم تعد قادرة على البقاء مستقلة عن الدولة الرومانية، ولم تر ما يمنعها أن تكون هي المسيطرة على الدولة المتحدة.
وقد استاء قيصر حين عرف أن بوثينس نفى كيلوبطرة، ونصب نفسه نائباً عن بطليموس الشاب يحكم باسمه، ولذلك أرسل إليها سراً، وجاءته سراً وقد احتالت على الوصول إليه بأن أخفت نفسها في فراش حمله تابعها أبولودورس Apollodorus إلى مسكن قيصر. وذهل القائد الروماني حين رآها، وأسرته بشجاعتها وسرعة بديهتها، وهو الذي لم يدع انتصاراته في ميدان القتال تربى على انتصاراته في ميادين الحب. ووفق بينها وبين بطليموس وأجلسها هي وأخاها على عرش مصر كما كانا من قبل. وعرف قيصر من أخيه أن بوثينس هو والقائد المصري أخلاس Achillas كانا يأتمران به ليقتلاه ويبيدا القوة العسكرية الصغيرة التي جاءت معه إلى مصر، فدبر في الخفاء اغتيال بوثينس، وفر أخلاس، واتصل بالجيش المصري، وحرضه على الثورة. وسرعان ما امتلأت الإسكندرية بالجنود ينادون بالويل والثبور لقيصر، ويحرض ضباط الحامية الرومانية التي وضعها مجلس الشيوخ في تلك المدينة على الانضمام إلى الجيش الثائر ضد هذا الدخيل الخائن الذي سولت له نفسه أن يقرر وراثة عرش البطالمة، وأن يعمل على أن يولد من صلبه من يرث هذا العرش في المستقبل.
وعمل قيصر في هذا الظرف الحرج ما كانت تسعفه حيلته، فأحال القصر الملكي والملهى المجاور له إلى قلعتين تحصن فيهما هو ورجاله. ثم أرسل يطلب المدد من آسيا الصغرى وسوريا ورودس. ولما أدرك أن أسطوله الضعيف