الذي لم يكن فيه من يحميه لن يلبث أن يقع في يد أعدائه، أمر به فحرق والتهمت النار جزءاً من مكتبة الإسكندرية لا نعرفه على وجه التحديد. ورأى أن لابد له من الاستيلاء على جزيرة فاروس لأنها هي المدخل الذي يمكن أن يصل إليه منه المدد المنتظر، فهاجمها هجوم اليائس، واستولى عليها، ثم جلا عنها، ثم عاد فاستولى عليها. وحدث في إحدى هذه المعارك أن اضطر إلى السباحة في البحر لينجو من الموت بعد أن صوبت إليه عاصفة من السهام، وذلك حين قذف المصريون به وبأربعمائة من رجاله إلى البحر بعيداً عن الحاجز الذي كان يصل الجزيرة بأرض المدينة. وظن بطليموس الثاني عشر أن الثوار قد حالفهم النصر، فخرج من القصر وانضم إليهم واختفى من التاريخ. ولما جاء المدد إلى قيصر هزم به المصريين وحامية مجلس الشيوخ في معركة النيل، وكافأ كليوبطرة على إخلاصها له في هذه الأزمة بأن عين أخاها الأصغر بطليموس الثالث عشر ملكاً معها على مصر، فجعلها بذلك حاكمة البلاد الحقيقية.
ويصعب علينا أن ندرك السر في بقاء قيصر تسعة أشهر في الإسكندرية، والجيوش تجيش لقتاله في يتكا Utica، ورومه في أشد الحاجة إلى يده الصناع، لأن كئيليوس Caelius وميلو ينفخان فيها نار الثورة عليه. فلعله كان يحس بأنه جدير ببعض الراحة واللهو بعد حروب دامت عشر سنين؛ وفي هذا يقول سيوتونيوس Suetonius إنه كثيراً ما كان يقضي الليل كله حتى مطلع الفجر يلهو مع كيلوبطرة، وكان بوده أن يسير معها في قاربها من أقصى مصر إلى أقصاها حتى يصلا إلى بلاد الحبشة لولا أن هدده جنوده بالخروج عليه" (٤٧)، لأن كل واحد منهم لم يجد له فتاة لعوباً. أو لعل شهامته قد أجبرته على أن ينتظر حتى تفيق كيلوبطرة من آلام الوضع، فقد وضعت طفلاً في عام ٤٧ ق. م سمي قيصريون Caesarion، ويقول ماركس أنطونيوس إن قيصر اعترف بأنه ولده (٤٨). ولا يبعد أن تكون قد أسرت إليه تلك الفكرة الجميلة فكرة أن يكون ملكاً