للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والنقرس، والتهاب النتوء الحلمي. والتهاب الزائدة الدودية، وبعض الأمراض العجيبة. كالالتهاب الفقري الأشوه، وما يعتري نمو كراديس العظام الطويلة من نقص. وليست لدينا دلائل تثبت إصابتهم بالزهري أو السرطان، ولكن تقيح اللثة وتسوس الأسنان وهما اللذان لا أثر لهما في أقدم الجثث المحنطة القديمة يظهران بكثرة في الجثث المحنطة الباقية من العهود المتأخرة، وذلك دليل على تقدم الحضارة في هذه العهود. وكان ضمور عظم الإصبع الصغرى من أصابع القدم وانعدامها- وهي حالة كثيراً ما يعزى سببها إلى الأحذية الحديثة- من الحالات المنتشرة في مصر القديمة، حيث كان الأهلون على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم يسيرون كلهم تقريبا حفاة (١٨٢).

وكان لدى الأطباء المصريين عدة وافية من القراباذينات (دساتير الأدوية) لمقاومة هذه الأمراض كلها. ففي بردية إيبرز ثبت بأسماء سبعمائة دواء لكل الأدواء المعروفة، من عضة الأفعى إلى حمى النفاس. وتصف بردية كاهون (ويرجع عهدها إلى حوالي عام ١٨٥٠ ق. م) أقماع اللبوس ولعلها كانت تستخدم لمنع الحمل (١٨٢). وقد عثر في قبر إحدى ملكات الأسرة الحادية عشرة على صندوق للأدوية يحتوي على مزهريات، وملاعق، وعقاقير جافة، وجذور. وكانت الوصفات الطبية تتذبذب بين الطب والسحر. وكان مفعول الخليط في رأيهم يتناسب مع اشمئزاز النفس منه ومما تصفه تذاكر الأطباء دم العظاية (السحلية) وأذن الخنزير وأسنانه، واللحم والدهن النتن، ومخ السلحفاة، وكتاب قديم مقلي في الزيت، ولبن النفساء، وماء المرأة الطاهرة، وبراز الرجال والحمير والكلاب والآساد والقطط والقمل- كل هذه واردة في تذاكر الأطباء. وكان الصلع يعالج بتدليك الرأس بدهن الحيوان. وقد انتقلت بعض هذه الوسائل (١) العلاجية من المصريين إلى اليونان، ثم انتقلت من اليونان إلى الرومان، ومن الرومان إلينا ولا نزال إلى اليوم نتجرع في ثقة واطمئنان كثيراً من الأدوية التي خلطها


(١) وقد كشفت أعمال الحفر عن طرق كانت تتبع لجمع ماء المطر وتصريف الفضلات بأنابيب من النحاس.