المواتية (٦٠)، ولكن كثيرين من الأشراف كانوا يخشون أن ينادي به ملكاً في أي يوم.
وأقبل كيوس كاسيوس، وهو رجل مريض الجسم- "أصفر نحيل" كما يصفه أفلوطرخس (٦١)، على ماركس بروتس واقترح عليه اغتيال قيصر. وكان قبل ذلك قد عرض خطته على جماعة من الشيوخ وعلى بعض الممولين الذين قل ما ينهبونه من الولايات مذ وضع قيصر القيود الشديدة على الملتزمين، بل عرضها أيضاً على بعض القواد في جيش قيصر الذين أحسوا بأم ما حباهم به من المناصب والغنائم كان أقل مما يستحقون، وكان هؤلاء كلهم قد وافقوا عليها. وكان المتآمرين في حاجة إلى بروتس ليكون هو رافع لواء المؤامرة، لأنه اشتهر بين الناس كافة بأنه أعظم الناس استمساكاً بالفضيلة، وكان الناس يقولون إنه من سلالة بروتس الذي طرد الملوك قبل ذلك الوقت بأربعمائة وستة وأربعين عاماً. وكانت أمه سرفليا أختاً غير شقيقة لكاتو، وزوجته بورشيا ابنة كاتو وأرملة ببيولس عدو قيصر؛ ويقول أبيان "إن الناس كانوا يظنون أن بروتس نفسه ابن قيصر لأن قيصر كان عشيق سرفليا في الوقت الذي ولد فيه بروتس"(٦٢). ويضيف أفلوطرخس إلى ذلك أن قيصر كان يعتقد أن بروتس ولده (٦٣). ولا يبعد أن يكون بروتس نفسه ممن يعتقدون هذا الاعتقاد، وأنه كان يحقد على قيصر لأنه أفسد أخلاق أمه وجعله مضغة في أفواه الرومان، يقولون عنه إنه ابن زانية بدل أن يكون من نسل آل بروتس. وكان هو على الدوام مكتئباً يميل إلى الصمت كأن ظلماً حل به يجثم على صدره ويشغل باله، وذلك في الوقت الذي كان فيه فخوراً معجباً بنفسه، لأنه أياً كان مولده يجري في عروقه دم الأشراف. وكان يجيد اللغة اليونانية ويجب الفلسفة، وكان في علم ما وراء الطبيعة من القائلين برأي أفلاطون، وفي الأخلاق من أتباع زينون. وكان مما انطبع في ذهنه أن الرواقية تتفق مع المبادئ اليونانية والرومانية في الحث على قتل الطغاة الظالمين. وقد كتب