للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الأبناء دفاعاً عن آباءهم، ونم بعضهم على آباءهم ليرثوا نصيباً من أموالهم. ومن الزوجات الزانيات أو اللاتي خانهن أزواجهن من نمي عليهم، وأنقذت زوجة كوبونيوس Coponius بعلها بالنوم مع أنطونيوس. وكانت ففيا زوجة أنطونيوس قد حاولت أن تشتري منزل جارها رفوس Rufus، فأبى ذلك عليها ثم حاول في ذلك الوقت أن يقدمه لها هبة من غير ثمن، ولكنها استطاعت أن تضع اسمه بين أسماء المحكوم بإعدامهم، فلما قطع رأسه أمرت به فدق بالمسامير على باب بيته الأمامي (٥).

ووضع أنطونيوس اسم شيشرون بين الأسماء الأولى من المحكوم عليهم. وذلك لأن أنطونيوس كان زوج أرملة كلوديوس، وابن زوجة لنتولس الكتاليناري Lentulus the Catallnarian الذي قتله شيشرون في السجن، وقد ساءه بحق ما احتوته "فلبات" شيشرون من تجريح وطعن شديد. وعارض أكتافيان في هذا ولكنه لم يستمر طويلاً في معارضته، ذلك أنه لم يكن في وسعه أن ينسى تمجيده لقتلة قيصر، كما لم ينس العبارة التي قالها للمحافظين يبرر بها مغازلته لوريث قيصر (١) وما فيها من تورية. وحاول شيشرون الفرار، ولكنه لم يتحمل دوار البحر فغادر المركب وقضى الليل في بيته في فورميا Formiae؛ وأراد أن يقضي فيه اليوم الثاني في انتظار مقتله لأن ذلك في نظره خير من البحر الهائج المضطرب، ولكن عبيده دفعوه إلى داخل هودج، وساروا به نحو السفينة، وبيناهم في طريقهم إذ أقبل عليهم جنود أنطونيوس. وأراد العبيد أن يقاوموهم ولكن شيشرون أمرهم أن يضعوا الهودج على الأرض ويستسلموا. ثم مد الرجل رأسه "وجسمه يعلوه العثير، وشعر رأسه ولحيته منفوش، ووجهه قد أضناه القلق والتعب" (٧)، حتى يسهل على الجنود قطعه (٤٢). وكانت أوامر أنطونيوس تقضي بأن تتقطع أيضاً يده اليمنى.


(١) كان شيشرون قد قال عن أكتافيان: "إن الغلام جدير بالثناء والتزين والسمو" laudandum adolescentem، ornandum، follendum، ولكن tollendum تعني أيضاً القتل.