ولكي يستطيع الحكام الثلاثة أداء رواتب جنودهم، وملء خزائنهم، والانتقام من قتلة قيصر، بسطوا على رومه حكماً لا يماثله في تاريخ الرومان كله حكم آخر في الإرهاب وسفك الدماء. فقد أعدوا قوائم تحتوي على أسماء من لابد من إعدامهم، وكانوا ثلاثمائة من الشيوخ، وألفين من رجال الأعمال، وعرضوا على كل حر يأتيهم برأس واحد من هؤلاء ٢٥. ٠٠٠ درخمة (١٥. ٠٠٠ ريال أمريكي)، وعلى كل عبد ١٠. ٠٠٠ (٤). وأضحى امتلاك المال جريمة يعاقب عليها بالإعدام فكانوا يحكمون بقتل الأطفال الذين يرثون مالاً، وينفذون فيهم الحكم، وكان ينتزع من الأرامل ما يرثنه من الأموال، وقد أرغمت ١٤. ٠٠٠ امرأة على أن ينزلن للحكام الثلاثة عن الجزء الأكبر من أملاكهن، ثم استولوا آخر الأمر على الأموال المدخرة المودعة عند "العذارى الفستية". وقد عفوا عن أتكس لأنه ساعد من قبل فلفيا Fulvia زوجة أنطونيوس، ولكنه رغم اعترافه بهذا الفضل أرسل مبالغ طائلة من المال إلى بروتس وكاسيوس. وأقام الحكام الثلاثة جنودهم حراساً على كل مخارج المدينة، واختبأ المحكوم بإعدامهم في الآبار والبالوعات والحجر العليا في الدور والمداخن. ومنهم من ماتوا وهم يدافعون عن أنفسهم، ومنهم من أماتوا أنفسهم جوعاً أو شنقاً أو غرقاً، ومنهم من قفزوا من فوق الأسطح أو ألقوا أنفسهم في النار. ومن الناس من قتل خطأ، ومن غير المحكوم عليهم من انتحروا فوق أجسام من قتلوا من أقاربهم. وكان التربيون سلفيوس Salvius يعلم أنه من المقتضي بإعدامهم، فأقام وليمة وداع لأصدقائه، ودخل عليه رسل الحكام الثلاثة في أثناء الوليمة، وقطعوا رأسه وتركوا جسمه أمام المائدة، وأمروا المدعوين أن يستمروا في طعامهم وشرابهم. وانتهز العبيد هذه الفرصة للتخلص من سادتهم، ولكن كثيرين منهم قضوا نحبهم وهم يدافعون عن ملاكهم، وقد تخفى واحد منهم في زي سيدة وقتل بدلاً منه. ومات